قال ابن عبد البر: وهذا إسناد مدني صحيح, والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة, وهو عمل قد توارثه أهل المدينة كابراً عن كابر, ومثله يصح فيه الاحتجاج بالعمل في كل بلد لأنه لا يخفى لوقوعه في كل يوم مراراً, وكذلك العمل بالكوفة وغيرها مستيفض عندهم بالتسليمتين, ومتوارث عندهم أيضاً وكل ما جرى هذا المجرى فهو اختلاف في المباح كالأذان. وكذلك لا يروى عن عالم بالحجاز ولا بالعراق ولا بالشام ولا بمصر إنكار التسليمة الواحدة ولا إنكار التسليمتين بل ذلك عندهم معروف.
وحديث التسليمة الواحدة رواه سعد بن أبي وقاص, وعائشة, وأنس إلا أنها معلولة لا يصححها أهل العلم بالحديث.}}.
وفي ((العدة شرح العمدة)):
{{مسألة: (ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك) وهو ركن لقوله عليه السلام: ((وتحليلها التسليم)) رواه أبو داود وروى ابن مسعود ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله)) وفي لفظ: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم حتى يرى بياض خده عن يمينه وعن يساره)).
((والتسليمة الثانية سنة)) لأن عائشة روت أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم فسلم مرة واحدة تلقاء وجهه, رواه ابن ماجه وكذلك روي عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولأنه إجماع حكاه ابن المنذر عمن يحفظه من أهل العلم, وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين وكان مسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة واحدة ولأن التسليمة الأولى قد خرج بها من الصلاة فلم يجب ما بعدها}}.
قال شيخ الإسلام في ((الفتاوى)):
{{فصل:
وأما السلام من الصلاة, فالمختار عند مالك ومن تبعه من أهل المدينة تسليمة واحدة فى جميع الصلاة فرضها ونفلها المشتملة على الأركان الفعلية أو على ركن واحد,
وعند أهل الكوفة تسليمتان فى جميع ذلك ووافقهم الشافعي.
والمختار فى المشهور عن أحمد أن الصلاة الكاملة المشتملة على قيام وركوع وسجود يسلم منها تسليمتان, وأما الصلاة بركن واحد كصلاة الجنائز وسجود التلاوة وسجود الشكر فالمختار فيها تسليمة واحدة كما جاءت أكثر الآثار بذلك.
فالخروج من الأركان الفعلية المتعددة بالتسليم المتعدد ومن الركن الفعلى المفرد بالتسليم فإن صلاة النبى كانت معتدلة فما طولها أعطى كل جزء منها حظه من الطول وما خففها أدخل التخفيف على عامة أجزائها}}.
وفي ((سبل السلام)):
{{ودل الحديث: على وجوب التسليم على اليمين واليسار، وإليه ذهبت الهادوية، وجماعة،
وذهب الشافعي: إلى أن الواجب تسليمة واحدة، والثانية مسنونة.
قال النووي: أجمع العلماء الذين يعتد بهم: أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة، فإن اقتصر عليها استحب له أن يسلم تلقاء وجهه، فإن سلم تسليمتين، جعل الأولى عن يمينه، والثانية عن يساره، ولعل حجة الشافعي حديث عائشة: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان إذا أوتر بتسع ركعات، لم يقعد إلا في الثامنة، فيحمد الله، ويذكره، ويدعو، ثم ينهض، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيجلس ويذكر الله ويدعو، ثم يسلم تسليمة" أخرجه ابن حبان، وإسناده على شرط مسلم. وأجيب عنه: بأنه لا يعارض حديث الزيادة، كما عرفت من قبول الزيادة إذا كانت من عدل. وعند مالك: أن المسنون تسليمة واحدة. وقد بين ابن عبد البر: ضعف أدلة هذا القول من الأحاديث.
واستدل المالكية: على كفاية التسليمة الواحدة: بعمل أهل المدينة، وهو عمل توارثوه كابراً عن كابر. وأجيب عنه: بأنه قد تقرر في الأصول: أن عملهم ليس بحجة}}.
وفي ((الروضة الندية)):
{{ورود التسليمة الواحدة فقط لا يعارض الثابت مما فيه زيادة عليها, وهي أحاديث التسلميتين. لما عرفناك غير مرة أن الزيادة التي لم تكن منافية يجب قبولها. فالقول بتسليمتين إعمال لجميع ما ورد, بخلاف القول بتسليمة فإنه إهدار لأكثر الأدلة بدون مقتض, وأما كون التسليم واجباً أو غير واجب فقد تقرر أن المرجع حديث المسيء, وأنه لا وجوب لغير ما لم يذكر فيه, إلا أن يثبت ايجابه بعد تاريخ حديث المسيء إيجاباً لا يمكن صرفه بوجه من الوجوه}}.
نقل للفائدة نرجو الدعاء.
ـ[عبد الرحمن الشامي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 03:45 م]ـ
أخي أبو بكر بن عبد الوهاب
¥