وَالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ. (الثَّالِثَةُ) حَيْثُ حَكَمْنَا فِي مَسَائِلِ الْمُنْفَتِحِ بِالِانْتِقَاضِ بِالْخَارِجِ , فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا انْتَقَضَ بِلَا خِلَافٍ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا كَدَمٍ أَوْ قَيْحٍ أَوْ حَصَاةٍ وَنَحْوِهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ مِنْهُمْ: أَصَحُّهُمَا الِانْتِقَاضُ , وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ كَالْأَصْلِيِّ , وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي الْأَصْلِيِّ بَيْنَ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ , وَخَالَفَ الْبَغَوِيّ الْجَمَاعَةَ فَقَالَ: الْأَصَحُّ لَا يَنْقُضُ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ كَالْأَصْلِيِّ لِلضَّرُورَةِ , لِكَوْنِ الْإِنْسَانِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَخْرَجٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمُعْتَادُ , فَإِذَا خَرَجَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ عُدْنَا إلَى الْأَصْلِ , وَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ الرِّيحُ انْتَقَضَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ , وَطَرَدَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ. (الرَّابِعَةُ) إذَا نَقَضْنَا بِالْخَارِجِ هَلْ يَكْفِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ فِيهِ بِالْحَجَرِ أَمْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ , (وَالثَّانِي) لَا , (وَالثَّالِثُ) يَتَعَيَّنُ فِي الْخَارِجِ النَّادِرِ دُونَ الْمُعْتَادِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْقُضُ , تَعَيَّنَ الْمَاءُ لِإِزَالَةِ هَذِهِ النَّجَاسَةِ بِلَا خِلَافٍ. (الْخَامِسَةُ) حَيْثُ قُلْنَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ هَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ , أَصَحُّهُمَا بِالِاتِّفَاقِ لَا يَجِبُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْجٍ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى بُعْدِهِ لَا يَتَعَدَّى أَحْكَامَ الْحَدَثِ , فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ سِوَى الْغُسْلِ , عَلَى وَجْهٍ , وَهَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ مَعَ الْإِمَامِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ - فِي تَعْلِيقِهِ - الْوَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ , وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ يَجْرِيَانِ فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ , وَحُصُولِ التَّحْلِيلِ بِهِ , قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَطَرَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَّاطِيُّ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ - الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَهْرِ وَسَائِرِ أَحْكَامِ الْوَطْءِ. قُلْتُ: وَكُلُّ هَذَا شَاذٌّ فَاسِدٌ. (السَّادِسَةُ) إذَا كَانَ فَوْقَ سُرَّةِ الرَّجُلِ وَنَقَضْنَا بِهِ , فَفِي وُجُوبِ سَتْرِهِ , وَحِلِّ النَّظَرِ إلَيْهِ لِلرِّجَالِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا): لَا يَجِبُ السَّتْرُ , وَيَحِلُّ النَّظَرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الْعَوْرَةِ , وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ لَوْ حَاذَى السُّرَّةَ , وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إنَّهَا لَيْسَتْ عَوْرَةً. (السَّابِعَةُ) إذَا نَقَضْنَا بِخُرُوجِ الرِّيحِ مِنْهُ - فَنَامَ مُلْصِقًا لَهُ بِالْأَرْضِ - فَفِي انْتِقَاضِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبَا الْحَاوِي وَالْبَحْرِ أَصَحُّهُمَا لَا يَنْتَقِضُ. (فَرْعٌ) الْخُنْثَى الَّذِي زَالَ إشْكَالُهُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ الزَّائِدِ شَيْءٌ , فَلَهُ حُكْمُ الْمُنْفَتِحِ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ , وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إذَا بَالَ مِنْ أَحَدِ قُبُلَيْهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ كَالْمُنْفَتِحِ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ زَائِدٌ , وَمِمَّنْ قَطَعَ بِهَذَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ , وَقَطَعَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ بِالِانْتِقَاضِ , كَذَا حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ , وَقَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ , ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ لَمْسِ الْخُنْثَى فَرْجَهُ , وَإِذَا بَالَ مِنْهُمَا تَوَضَّأَ قَطْعًا. (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ ذَكَرَانِ فَخَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ , ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (فَرْعٌ) إذَا خَرَجَ دَمٌ مِنْ الْبَاسُورِ إنْ كَانَ دَاخِلَ الدُّبُرِ نَقَضَ الْوُضُوءَ , وَإِنْ كَانَ الْبَاسُورُ خَارِجَ الدُّبُرِ لَمْ يَنْقُضْ , هَكَذَا ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ) لَوْ أَخْرَجَتْ دُودَةٌ رَأْسَهَا مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ , ثُمَّ رَجَعَتْ قَبْلَ انْفِصَالِهَا فَفِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ وَجْهَانِ. حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُمْ , (أَصَحُّهُمَا) يَنْتَقِضُ لِلْخُرُوجِ (وَالثَّانِي) لَا , لِعَدَمِ الِانْفِصَالِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
المجموع للإمام النووي
¥