والأموال التي أخذوها مغصوبة، والعامل في هذه الشركة مساعد على هذا الغصب وهم يتصرفون في أموال لم يملكوها ولم يجزها لهم المالك، قال ابن حزم في المراتب: واتفقوا أن بيع المرء ما لا يملك ولم يجزه مالكه ولم يكن حاكما ولا منتصفا من حق له أو لغيره أو مجتهدا في مال قد يئس من ربه فإنه باطل اهـ.
سادسا: مفاسده:
أ ـ التسبب في كثرة الجرائم، كالتهور في القيادة والسرقات وغير ذلك.
ب ـ تكدس الأموال في أيدي قلة من الناس، وهم أصحاب الشركة ومن وراءها.
ج ـ الإغراء بإتلاف أموال وممتلكات الغير عدوانا حيث يغري التأمين ضعاف النفوس بارتكاب الجرائم الفظيعة وعدم مراعاة حرمة الدماء والأموال والممتلكات.
د ـ إبطال حقوق الآخرين.
هـ ـ إفساد الذمم.
ز ـ ضياع المحافظة الفردية على الممتلكات وعدم الحيطة الفردية واتخاذ الوسائل والأسباب.
ح ـ تخويف الناس والتغرير بهم.
ط ـ ضياع الروابط وتفكك المجتمع، وغير ذلك كم المفاسد.
سابعا: شبهات من أجازه:
ومن أجاز هذا العقد فانه لا يستند إلى دليل خاص في المسألة، وإنما يستند إلى أحد أمرين: إما مجرد قياسات باطلة في معارضة النصوص، وإما على مصالح موهمة أو فاسدة الاعتبار. وليس عندهم إلا التلبيس وتقديمه على غير حقيقته.
ثامنا: البديل الشرعي الإسلامي الذي يحقق السعادة للناس:
إن دين الإسلام صالح لكل زمان ومكان، قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وقال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)، ويحقق لأهل الإيمان السعادة والاطمئنان قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) والإسلام ضمن العيش والأمن، وهما مطلبان عظيمان، وإذا قام حكام المسلمين على أمور الناس أحسن قيام بالتحكيم لكتاب الله والعمل بالشريعة وتوجيه حياة الأمة ورعايتها حصل الأمن، فليس هناك أمر يحقق للإنسان تأمين عيشه وماله ونفسه ودينه وأهله مثل الإسلام وتطبيقه. وإذا أردنا الأمان فلابد من الاكتفاء بالطريقة الشرعية لتأمين حال الناس، فمن الطرق الشرعية في تحقيق الأمن للناس:
1ــ رفع الأضرار والأخطار عن طريق بيت مال المسلمين، فإن لكل مسلم حقا في بيت المال يجب دفعه إليه، لحديث (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وترك مالا فماله لموالى العصبة ومن ترك كلا أو ضياعا فأنا وليه) رواه البخاري، ومسلم.
2ــ ضمان الحد الأدنى من المعيشة، ففي كتاب الأموال لأبي عبيد 260 وهي قصة عمر حين قدم الشام فاشتكى إليه بلال حال الناس فقال لا أقوم من مجلسي هذا حتى تكفلوا لكل رجل من المسلمين بمدّي بر وحظهما من الخل والزيت فقالوا نكفل لك يا أمير المؤمنين هو علينا قد أكثر الله من الخير ووسع قال فنعم إذا اهـ.
وجاء عنه أنه قال إني قد فرضت لكل نفس مسلمة في كل شهر مدي حنطة وقسطي خل وقسطي زيت، فقال رجل والعبيد؟ فقال عمر نعم والعبيد اهـ. الأموال لأبي عبيد ص 261.
وجاء عن ابن عمر أن عمر كان لا يفرض للمولود حتى يفطم قال ثم أمر مناديا فنادى لا تعجلوا أولادكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام، قال وكتب بذلك في الآفاق بالفرض لكل مولود في الإسلام: الأموال 249.
3 ـ تحمل الدولة للديون عن العاجزين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه) رواه البخاري في كتاب النفقات، ومسلم.
وحديث قبيصة فقد تحملت الدولة ديونا عليه. فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال (أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها) قال ثم قال (يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا) رواه مسلم.
¥