[قصة تحير ابن معين وأبي خيثمة من سؤال في الفقه وموافاة أبي ثور بالجواب؟]
ـ[أبو مالك الشافعي]ــــــــ[31 - 10 - 02, 08:50 ص]ـ
روى الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص249 والخطيب في التاريخ 6/ 67 عن أحمد بن محمد بن سهيل قال:"حدثني رجل ذكره من أهل العلم (قال الرامهرمزي:وأنسيت أنا اسمه وأحسبه يوسف بن الصاد) قال:
وقفت امرأة على مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف بن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث فسمعتهم يقولون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه فلان وما حدث فلان.
فسألتهم المرأة عن الحائض تغسل الموتى وكانت غاسلة فلم يجبها أحد منهم وجعل بعضهم ينظر الى بعض.
فأقبل أبو ثور فقيل لها عليك بالمقبل فالتفتت اليه وقد دنا منها فسألته فقال نعم تغسل الميت لحديث عثمان بن الأحنف عن القاسم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أما ان حيضتك ليست في يدك ولقولها كنت أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وأنا حائض.
قال أبو ثور فاذا فرقت رأس الحي بالماء فالميت أولى به.
فقالوا نعم رواه فلان ونعرفه من طريق كذا وخاضوا في الطرق والروايات فقالت المرأة فأين كنتم الى الآن؟ "
هل هذه قصة صحيحة، وهل هناك من شواهد مثلها عن كبار الحفاظ تدل على عدم عنايتهم بالفقه وانصراف هممهم إلى نقد المرويات فقط؟
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[31 - 10 - 02, 09:34 ص]ـ
أخي أبا مالك - وفقه الله -
قلتم: (وهل هناك من شواهد مثلها عن كبار الحفاظ تدل على عدم عنايتهم بالفقه وانصراف هممهم إلى نقد المرويات فقط؟)
وأقول: هذه القصة لو صحت - وفي الإسناد الذي أوردته جهالة كما ترى - فإنها لا تدل على عدم عناية هؤلاء الحفاظ بالفقه، وإنما تدل على عظيم ورعهم عن الفتيا، وإلا فما كان أسهل عليهم لو كانوا كأمثالنا - نسأل الله أن يتغمدنا برحمته - أن يقولوا: يجوز لك أن تغسّلي الميت وأنت حائض أو لايجوز لك، وتنصرف المرأة مسرورة بالفتيا، ويبقى عليهم تبعتها.
ثم إن خفاء وجه الاستنباط في مسألة واحدة لا يعني عدم عنايتهم بالفقه، فهذا مالك إمام الفقهاء في زمنه رحل إليه رجل من المغرب ليسأله في سبعين مسألة أرسله أهل المغرب بها فأجاب في ستين منها ب (لا أدري) فقال الرجل ما أقول لهم؟ قال قل لهم مالك يقول لا أدري.
ثم إن ابن معين - على سبيل المثال - كان فقيها، وقد تفقه على مذهب أبي حنيفة
وأخيرا فإني أستبعد صحة هذه الرواية لأنه يستبعد ألا يكون عند مثل ابن معين آثار يفتي بها في المسألة ففيها أثر مشهور عن علقمة أنه كره أن يمس الميت حائض أو جنب
والله أعلم
ـ[ابن معين]ــــــــ[31 - 10 - 02, 01:35 م]ـ
أخي الفاضل (أبو مالك الشافعي) ..
هذه القصة التي ذكرتها مما طُعن به على يحيى بن معين رحمه الله، وهي لم تثبت كما أشار إلى ذلك أخونا أبوخالد السلمي _وفقه الله _، بل متنكها منكر.
وقد أجاب عنها الأخ الفاضل (عصام السناني) في ترجمته للإمام يحيى بن معين _ وهي مقدمة لتحقيقه لجزء حديثي لابن معين وهي رسالة ماجستير لم تطبع _ وأنا أنقل كلامه للفائدة:
قال: (ما أورده الرامهرمزي ومن طريقه الخطيب في قصة المرأة ضعيف لا يثبت ففيه جهالة الراوي، وحتى بعد تسميته فإنه لا يعرف من ترجم له، بل متنكها منكر جداً، تظهر عليه دلائل التركيب، ولا أستبعد أن أحد المتعصبة للإمام الشافعي ركبها ليبين مكانة يحيى بن معين بالنسبة لتلميذ الشافعي، فضلاً عن مقارنته بالشافعي، ومما يدل على تهافت هذه الفرية أن المتعصبة للإمام أحمد أيضاً سرقوها، وجعلوا الإمام أحمد هو الذي ينقذ المرأة من حيرتها، وجعلوا مع يحيى بن معين: الدورقي بدل أبي خيثمة وخلف بن سالم، واختلف نسج القصة قليلاً، روى ذلك ابن رجب (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 131) بسند مظلم كسابقه.
قلت _ والقائل هو السناني _: ويحيى بن معين أجل من أن ينسب إليه هذا الجهل في مسألة لا يجهلها صغار الطلبة، فضلاً عمن جمع الأحاديث وآراء فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
ثم قال: (ومما يدل على تمكن يحيى بن معين رحمه الله في الفقه أنه اجتمع مع أحمد بن حنبل وعلي بن المديني فتناظروا في مس الذكر، فذهب يحيى للقول بالوضوء منه، واحتج بحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها بالأمر بالوضوء من ذلك، واستدل علي بن المديني بما يعارضه، وتقلد قول الكوفيين بعدم الوضوء من مس الذكر، بمناظرة شيقة شهدها أحمد بن حنبل، ولم يحكم لأحدهما على الآخر لقوة حجة كل منهما، روى ذلك ...
وهذا أبوعمر بن عبدالبر رحمه الله ينقل آراء يحيى بن معين الفقهية ويجعله حكماً في بعض منها ...
وكان لآراء يحيى بن معين أيضاً مكان في كتب الفقه ا لمختلفة في معرض ذكر اختلاف العلماء، فعلى سبيل المثال:
ذكره ابن حزم الظاهري (المحلى 4/ 90) وابن المنذر (الأوسط 1/ 204) والسرخسي الحنفي (المبسوط 1/ 16،24/ 66) وابن قدامة الحنبلي (المغني 11/ 23) والنووي الشافعي (المجموع 3/ 400).
ثم قال: واختم هذا المبحث بما ذكره الحاكم رحمه الله في معرفة علوم الحديث (63،72) حيث قال: (ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هذا الموضع فقه الحديث عن أهله ليستدل بذلك على أن أهل هذه الصنعة من تبحر فيها لا يجهل فقه الحديث إذ هو نوع من أنواع هذا العلم ... ومنهم يحيى بن معين صاحب الجرح والتعديل .. ).
¥