24482 - حدثنا ابن حميد , قال: ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: هو الخشوع , فقلت: هو أثر السجود , فقال: إنه يكون بين عينيه مثل ركبة العنز , وهو كما شاء الله.
وقال آخرون:
ذلك أثر يكون في وجوه المصلين , مثل أثر السهر , الذي يظهر في الوجه مثل الكلف والتهيج والصفرة , وأشبه ذلك مما يظهره السهر والتعب في الوجه , ووجهوا التأويل في ذلك إلى أنه سيما في الدنيا.
ذكر من قال ذلك:
24483 - حدثنا أبو كريب , قال: ثنا ابن يمان , عن سفيان , عن رجل , عن الحسن {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: الصفرة.
24484 - حدثنا ابن عبد الأعلى , قال: ثنا المعتمر , عن أبيه , قال: زعم الشيخ الذي كان يقص في عسر , وقرأ {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} فزعم أنه السهر يرى في وجوههم.
24485 - حدثنا ابن حميد , قال: ثنا يعقوب القمي , عن حفص , عن شمر بن عطية , في قوله: {سيماهم في وجوههم} قال: تهيج في الوجه من سهر الليل.
وقال آخرون:
ذلك آثار ترى في الوجه من ثرى الأرض , أو ندى الطهور.
ذكر من قال ذلك:
24486 - حدثنا حوثرة بن محمد المنقري , قال: ثنا حماد بن مسعدة ; وحدثنا ابن حميد , قال: ثنا جرير جميعا عن ثعلبة بن سهيل , عن جعفر ابن أبي المغيرة , عن سعيد بن جبير , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: ثرى الأرض , وندى الطهور.
24487 - حدثنا ابن سنان القزاز , قال: ثنا هارون بن إسماعيل , قال: ثنا علي بن المبارك , قال: ثنا مالك بن دينار , قال: سمعت عكرمة يقول: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: هو أثر التراب.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال:
إن الله تعالى ذكره أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود , ولم يخص ذلك على وقت دون وقت. وإذ كان ذلك كذلك , فذلك على كل الأوقات , فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام , وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته , وآثار أداء فرائضه وتطوعه , وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به , وذلك الغرة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء , وبياض الوجوه من أثر السجود.
وبنحو الذي قلنا في معنى السيما قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
24488 - حدثنا بشر , قال: ثنا يزيد , قال: ثنا سعيد , عن قتادة {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} يقول: علامتهم أو أعلمتهم الصلاة.
يتبع بإذن الله،،،
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 11 - 06, 08:31 م]ـ
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:
وقوله جل جلاله " سيماهم في وجوههم من أثر السجود ".
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن.
وقال مجاهد وغير واحد يعني الخشوع والتواضع.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن منصور عن مجاهد " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " قال الخشوع.قلت: ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه فقال ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون.
وقال السدي: الصلاة تحسن وجوههم.
وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، وقد أسنده ابن ماجه في سننه عن إسماعيل بن محمد الصالحي عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " والصحيح أنه موقوف.
وقال بعضهم: إن للحسنة نورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس.
وقال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه: (ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه).
والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى أصلح الله عز وجل ظاهره للناس كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته).
وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمود بن محمد المروزي حدثنا حامد بن آدم المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن سلمة بن كهيل عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله تعالى رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر " العرزمي متروك.
وقال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان ".
وقال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا زهير حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " ورواه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي عن زهير به.
فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم.
وقال مالك رضي الله عنه: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا.
وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة.
¥