[هل يجوز الشهادة بناء على شهادة الثقة؟]
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 01:19 م]ـ
بسم الله الواحد الأحد، البر الصمد
و الصلاة و السلام على محمد، خير من أنثى على ربه و حمد
سائل يقول:
أخ ثقة دعاني للشهادة في قضية قريبة له - أبنة خالته - في كون زوجها تركها منذ ثلاث سنوات و ستفر بعيدا، و تريد ان تثبت ذلك بالشهود للقاضي حتى يطلقها منه.
و الأخ دعاني للشهادة في هذه القضية، و انا لا اعرف قريبته هذه، فهل يجوز لي الشهادة أمام القاضي بناء على شهادة قريبها الثقة؟
و فقكم الله، و أحسن إليكم
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 08:32 م]ـ
[إذا شهد زيد أن لعمرو على بكر ألف ريال - مثلاً - فقال: زيد وهو الشاهد الأصل، قال لسعد احفظ عنى إني شاهد لعمر على بكر بألف ريال، أو اشهد على شهادتى أن هذا البيت وقف، أو اشهد على شهادتي أن هذا قد قذف فلاناً ونحو ذلك.
إذن: عندنا شاهدان: شاهد أصل وهو الذي قد سمع أو رأى، وشاهد فرع وهو الذي لم يسمع ولم ير لكنه حملّ شهادة غيره واستحفظ.
كأن يحتضر رجل فيقول لبعض أولاده: اشهد عليّ إني شاهد لفلان بكذا على فلان ونحو ذلك.
-وهي - أي الشهادة على الشهادة - جائزة بالاجماع، والحاجة تدعو إليها، كما يكون في الوقوف.
وأيضاً قد يتأخر عرض القضية على الحاكم فيحتاج إلى شهادة الفرع فيحتاج إليها في حفظ الحقوق.
قال رحمه الله: [ولا تقبل الشهادة على الشهادة إلا في حق يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي].
فهذه المسألة متفرعة عن مسألة سابقة وهي كتابة القاضي الى القاضي.
وقد تقدم أن المشهور في المذهب أن كتابة القاضي الى القاضي لا تصح إلا في حقوق الآدميين - ولا تصح في الحدود.
وتقدم أن الراجح خلافة.وهنا كذلك فهذه المسألة كتلك المسألة، فالمشهور في المذهب إنها لا تصح إلا في حقوق الآدميين ولا تصح في الحدود.
-والمشهور في مذهب الشافعي صحة الشهادة على الشهادة في الحدود.
فالصحيح / أن الشهادة على الشهادة لا يشترط فيها أن تكون في حقوق الآدميين بل تصح في حقوق الآدميين وغيرها فلو شهد فرع عن أصل في حد الزنا أو في حد قذف أو في حد سرقه ونحو ذلك فإن هذه الشهادة صحيحة.
فمثلاً: أراد اثنان أن يذهبا إلى القاضي ليشهدوا على فلان أنه سرق، فاحتضر أحدهما فالقى بالشهادة الى آخر لم ير ولم يسمع فهي شهادة فرع فتقبل.
قال: [ولا يحكم بها إلا أن تتعذر شهادة الأصل، بموت أو مرض …او غيبة مسافة قصر]
فإذا أمكننا أن نحكم بشهادة الأصل فلا يجوز أن نحكم بشهادة الفرع. وذلك لأن شهادة الأصل هي الأصل، وشهادة الفرع بدل عنها.
ولأن في شهادة الفرع تطويلاً، فإنا نحتاج إلى أن ننظر في عدالة شهود الأصل وننظر في عدالة شهود الفرع.
ولأن احتمال الخطأ يكون أكبر.
إذن: لا يجوز أن نحكم بشهادة الفرع إلا أن تتعذر شهادة الأصل بموت أو مرض أو غيبة مسافة قصر أو كخوف من سلطان. إذن لا يجوز لنا إلا عند الحاجة - فهي كالماء والتراب، فلا يجوز التيمم بالتراب إلا عند عدم الماء أو الضرر باستعماله - وهذا هو مذهب جمهور العلماء كما تقدم تعليله.
-وهل يكفى أن يشهد فرع عن الأصلين؟
الجواب: لا يكفي ذلك.
فإذا كان زيد وعمرو يشهدان على قضية تحتاج إلى شاهدين - فحَفَظ عنهما هذه الشهادة بكر، فلا تقبل شهادة الفرع. وهذه هي الصورة الأولى.
-الصورة الثانية: أن يشهد لكل أصل فرع.
فإذا حفظ زيد وعمر شهادة فهما شاهدا أصل فحفظ شهادة زيد بكر وحفظ شهادة عمرو سعد، فإنها تقبل - في المشهور في المذهب -.
قالوا: لأنه نقل للشهادة فقبل فيها خبر الواحد كخبر الديانة.
-وقال الجمهور: بل لا يقبل وذلك لأنها شهادة في إثبات حق كالإقرار فاشترط فيها شاهدان وعليه فلا بد أن يكون لكل أصل فرعان فيجتمع في القضية أربعة شهود.
أو أن يكون الفرعان قد حفظوا الشهادة عن هذا وعن هذا.
-والقول الأول أظهر لأن تعليله أقوى، فهي نقل للشهادة وليست إثبات حق وذلك لأنها لا يثبت الحق عليه فإن هذا الشاهد بشهادة الفرع لا يثبت على شاهد الأصل حق وإنما هي نقل لشهادته.
فالأظهر هو قبول ذلك كما هو المشهور في المذهب وهو قول إسحاق، قال الإمام أحمد:" لم يزل الناس على هذا "
فعليه عمل السلف، ونحوه عن إسحاق.
¥