تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 – الفوائدُ ليسَ لها مَوضوعٌ مُعيّن، وإنّما هي شاملةٌ لكلِّ ما يُمكن أنْ يُستنبطَ مِن الآيةِ، فهي مَجالٌ رَحْبٌ لتقريرِ العقيدةِ السليمةِ، وتصحيحِ الأخطاءِ، والردِّ على المخالفينَ، أو لذكرِ الأحكامِ الفقهيّةِ المتعلّقةِ بالآيةِ وذكرِ أدلّتها والردِّ على بقيّةِ الأقوالِ، أو لبيانِ الأوجهِ البلاغيّةِ وأسرارِ التعبيرِ القرآنيِّ، أو لدلالاتِ الآيةِ التربويّةِ وما فيها مِن المواعظِ والآدابِ، أو غير ذلكَ مِمّا يُمكن أنْ يُؤخذَ مِن الآيةِ سواء كانَ بطريقةٍ مُباشرةٍ أو خفيّةٍ.

3 – هذه الفوائدُ ليستْ ذاتَ نَمَطٍ واحدٍ مِن جهةِ الطُّولِ والقِصَرِ، فهناكَ فوائدُ طويلة يذكرها في صفحاتٍ، وهناكَ فوائدُ مُختصرة لا تتجاوزُ السَّطْرَ والسَّطْرَيْنِ، وذلكَ بحسبِ عدد الفوائدِ المستنبطةِ من كُلِّ آيةٍ، وما يفتحُ الله عليهِ حالَ تفسيرهِ للآيةِ، فهناكَ آياتٌ لا يتجاوزُ ما ذكرهُ مِن فوائدها أصابعَ اليدِ، وهناكَ آياتٌ ذكرَ فيها عشراتِ الفوائد. ()

4 – هذه الفوائدُ ليستْ مُقتصرةً على المعاني الدقيقةِ؛ بل يذكرُ الشيخُ رحمه الله كُلَّ ما يَحْضُرُهُ حالَ تفسيرِ الآيةِ مِن فوائدها ولو كانت ظاهرةً جِدًّا.

5 – رُبَّما يُرتِّبُ على الفائدةِ المستنبطةِ مِن الآيةِ فائدةً أخرى.

يُعبِّرُ عن ذلكَ غالبًا بقولهِ:"ويتفرَّعُ على هذه الفائدةِ ... " ورُبَّمَا ذكرَ أكثر مِن فَرْعٍ.

ومِن أمثلةِ ذلكَ:

عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} (البقرة:89 - 90)

ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ هذا الفَضْلَ الذي أنزلهُ الله لا يجعلُ المفَضَّلَ بهِ رَبًّا يُعْبد؛ بلْ هو مِن العِبَاد. حتّى ولو تميَّز بالفضلِ؛ لقولهِ تعالى: {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}.

وهذهِ الفائدةُ لها فروعٌ نُوَضِّحُهَا، فنقولُ: إنّ مَن آتاهُ الله فَضْلاً مِن العلمِ والنبوةِ لم يَخْرُجُ بهِ عن أنْ يكونَ عَبْدًا؛ إذاً لا يَرْتَقِي إلى مَنْزلةِ الربوبيّةِ؛ فالرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَبْدٌ مِن عبادِ الله؛ فلا نقولُ لمن نَزَلَ عليه الوَحْيُ: إنّه يَرتفعُ حتّى يكونَ رَبًّا يملكُ النفعَ، والضررَ، ويعلمُ الغيبَ.

ويَتفرَّعُ عنها أنّ مَن آتاهُ الله مِن فضلهِ مِن العلمِ، وغيرهِ يَنبغِي أنْ يكونَ أَعْبَدَ لله مِن غيرهِ؛ لأنّ الله تعالى أعطاهُ من فضلهِ؛ فكانَ حَقُّهُ عليهِ أعظمَ مِن حَقِّهِ على غيرهِ؛ فكُلَّمَا عَظُمَ الإحسانُ مِن الله تعالى استوجبَ الشُّكرَ أكثر؛ ولهذا كان النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقومُ في الليلِ حتّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ؛ فَقِيلَ لهُ في ذلكَ؛ فقالَ: [أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورا] ().

ويَتفرَّعُ عنها فَرعٌ ثالث: أنّ بعضَ الناسِ اغْتَرَّ بما آتاهُ الله مِن العلمِ،فَيَتَعَالَى في نفسهِ ويتعاظمَ حتّى إنّه رُبَّمَا لا يقبلُ الحقَّ؛ فَحُرِمَ فضلَ العلمِ في الحقيقة ". ()

وعند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (البقرة: من الآية164)

ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ السموات مَخلوقةٌ؛فهي إذاً كانت مَعدومةً مِن قبل؛فليستْ أَزَلِيَّةً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير