وأما المسألة الثانية: وهي حكم الجهر والإسرار في البسملة , فهذه المسألة لا تعارض الأولى , فإن دلت الأحاديث على ترك البسملة أصلاً فهي على حرف الإسقاط, وإن دلت على الجهر فهي على حرف الإثبات, وإن دلت على الإسرار فهي محتملة للحرفين , وبيان هذا أنها إن كانت على حرف الإثبات ففي هذه الحالة تكون البسملة مقيدة بالإسرار عما سواها من الآيات , وإن كانت على حرف الإسقاط فإن البسملة تكون للاستفتاح.
.......
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[14 - 03 - 08, 10:53 م]ـ
أخي خالد:
الأخ عبد الناصر لم يرد-حسب ما فهمت من كلامه- مباحثة هذه المسألة فقهيا، بل أراد أن يقول: هذا نص صحيح في المسألة يجب المصير إليه، ولا يهم بعد ذلك خلاف من خالف، خاصة وأن الحديث قدصحح من قبل جبال في الحفظ وهم أكثر وأحفظ من الذين ضعفوه.
أماقولك:الصحيح في هذه الرواية أنها موقوفة على أبي هريرة رضي الله عنه كما قال الإمام الدارقطني وغيره.
فإني أدع الشيخ محدث العصر وحسنة الأيام يجيبك، فإني لا أستطيع أن أتقدم بين يديه:
" إذا قرأتم: * (الحمد لله) * فاقرءوا: * (بسم الله الرحمن الرحيم) * إنها أم
القرآن و أم الكتاب و السبع المثاني و * (بسم الله الرحمن الرحيم) * إحداها ".
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3/ 179:
أخرجه الدارقطني (118) و البيهقي (2/ 45) و الديلمي (1/ 1 / 70) من
طريق أبي بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني نوح بن أبي بلال عن سعيد
ابن أبي سعيد المقبري عن # أبي هريرة # رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: فذكره. قال أبو بكر الحنفي , ثم لقيت نوحا فحدثني عن سعيد بن
أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مثله و لم يرفعه.
قلت: و هذا إسناد صحيح مرفوعا و موقوفا فإن نوحا ثقة و كذا من دونه و الموقوف
لا يعل المرفوع. لأن الراوي قد يوقف الحديث أحيانا فإذا رواه مرفوعا - و هو
ثقة - فهو زيادة يجب قبولها منه. و الله أعلم. و بعضه عند أبي داود و غيره من
حديث أبي هريرة , و عند البخاري و غيره من حديث أبي سعيد بن المعلى , و عزاه
السيوطي إليه من حديث أبي بكر و هو وهم محض كما نهت عليه في " تخريج الترغيب "
(2/ 216) و غيره و هو في " صحيح أبي داود " (1310 - 1311).
أخي الفاضل أبا السها حفظه الله
جبال الحفظ هم أئمة العلل حفظك الله وليس كل من صحح وضعَّف يعدُّ جبلا من هذه الجبال، ولا شكَّ أن إمام العلل الإمام الدَّارقطني أعلم من الشيخ الألباني رحمه الله بعلم علل الحديث، وترجيحه للموقوف على المرفوع من علو كعبه في هذا العلم، ولم يكن صعبا عليه أن يقول ما قال الشيخ الألباني رحمهما الله تعالى: إن الموقوف والمرفوع صحيحان، فهذه طريقة ضعيفة عند من يعرف علم العلل وطريقة أئمته، فليس كل حديث اختلف في وصله وإرسالة أو وقفه ورفعه يقال فيه هذا الكلام، ولن تجد كثرة استعمال هذه الطريقة عند أئمة العلل كما هي عند الذين بعدهم، وهذه مسألة يطول النِّقاش فيها ولا أحب الخوض فيها لأنها تورث الأحقاد والتَّطاول في الأعراض.
وتأمل قول الإمام ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (4/ 368) عن هذه الرواية حتى تفهم كيف ينظر من له اهتمام بالعلل في مثل هذا الاختلاف، فليست نظرتهم سطحيَّة، بل نظرة ثاقبة تدل على علو كعبهم في هذا العلم.
وخرج الدارقطني - أَيْضاً - من رِوَايَة أَبِي بَكْر الحنفي، عَن عَبْد الحميد بْن جَعْفَر، عَن نوح بْن أَبِي بلال، عَن سَعِيد المقبري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((إذا قرأتم {الْحَمْدُ} فاقرءوا: بسم الله الرحمن الرحيم؛ إنها أحد آياتها))، وذكر فِيهِ فضل الفاتحة. قَالَ الحنفي: لقيت نوحاً، فحدثني عَن سَعِيد، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - بمثله، ولم يرفعه.
وذكر الدارقطني فِي ((علله)): أن وقفه أشبه بالصواب.
قُلتُ: ويدل عَلَى صحة قوله: أن ابن أَبِي ذئب رَوَى الحَدِيْث فِي فضل الفاتحة، عَن المقبري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً، ولم يذكر فِيهِ: البسملة. (1). اهـ
¥