وأمَّا ما أقرَّته الشريعة من جواز مصادرة أموال الناس وممتلكاتهم للمصلحة العامة عند الضرورة -: فهو استثناءٌ مقيَّدٌ بضوابطَ؛ منها: أن تتعارض المصلحتان، ولا يمكن التوفيق بينهما، وأن يتمحَّض ذلك طريقًا لتحصيل المصلحة العامَّة ودفع الحرج عن الناس؛ بحيث لا يوجد حلٌّ آخَر يكون بديلاً عن ذلك، وأن يتمَّ تعويضُ الفَرْدِ عن ماله الذي صُودِرَ لِلمَصْلحة العامَّة تعويضًا عادلاً يقرِّره أهل الخبرة والمعرفة.
وأيْنَ هذا التشريع الاستثنائيُّ الذي يُقِرُّه كلُّ عاقلٍ من التأميم الذي جاء به الشيوعيون، ورفَعُوه شِعارًا لغصب أموال الناس وممتلكاتهم؟!
ولا شكَّ أنَّ تنبيه الطلاب إلى مثل هذه الأخطاء إذا ما تكرَّر أكثرَ من مرَّة - فإنه سيؤدِّي إلى فِقدان الكتاب لقِيمته العلمية في نظرهم، وسيتساءلون عن السبب الذي دفع مدرِّسيهم إلى إقراره عليهم، وعن السبب الذي يحول دون تأليفهم لكتاب يتفادى فيه هذه الأخطاء. وهو تساؤلٌ مشروعٌ.
و) وأخيرًا: تواجهنا مشكلة عدم توافر الكتاب المقرَّر في المكتبات التجارية؛ إذ قد تكون طبعته نافِدة، أو أنَّ الأعداد المتوافرة قليلة، ولا يُعْرَفُ ذلك إلا من بعد إقراره على الطلاب وشراء بعضهم له، وعندها إن ذهب ليصوِّره لم يُسمَح له به نظامًا ولا شرعًا؛ لما فيه من اعتداء على حقِّ المؤلف. وإن جلس ينتظر توافُره؛ فقد يمتدُّ به ذلك إلى نهاية الفصل!
3 - أستاذ المقرَّر:
أما الملاحظات التي قد تَرِد على أستاذ المقرَّر؛ فيمكن إجمالها في الآتي:
أ) كونه غير متخصِّص في المجال الذي يدرِّسه، كما لو كان تخصُّصه الحديث أو التفسير ويدرِّس النظام الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، أو أن تخصُّصه الفقه ويدرِّس العقيدة والأخلاق؛ بل لو كان تخصُّصه الفقه لربَّما كان في تدريسه للاقتصاد والسياسة قصورًا إن لم يكن ممَّن أشغل نفسه بدراسة هذه الموضوعات بإسهاب وإلى درجة التخصُّص فيها. وأهمية التخصص لا تخفى في وقتنا الحاضر، إذ ليْسَتِ القضيَّة قضية قراءة في بعض المصادر ليصبح متخصِّصًا فيها؛ بل لابدَّ من القراءة والتعمُّق فيها بحيث يتمكَّن منها ويصبح عنده التصوُّر الكامل لكلِّيَّات الموضوع وجزئياته؛ بلِ المَلَكَة الفقهيَّة الخاصَّة بهذا الفن، وهو أمرٌ لا يتحقَّق بسهولة فيمَن حصل على العالِميَّة - (الدكتوراه) - فكيف بمن هو معيدٌ لمَّا يمضِ على تخرُّجِهِ سوى فترة يسيرة، ويعطى نِصابًا تدريسيًّا يفوق نِصاب أساتذته؟
وربَّما وَجَدَ القسم أو الكلية هنا نفسها أمام مشكلة أخرى، وهي: أيُّ المقرَّرات تعطَى الأولوية، التخصُّصيَّة أم الثقافية؟ بمعنى أنَّ المدرس المتمكِّن، إلى أين ينبغي أن يوجَّه؟ إلى طلاب الثقافة؛ ليغرس فيهم القِيَم، ويحسِّن تربيتهم وتوجيههم، وتتحقَّق الفائدة المرجوَّة من هذه المقرَّرات؟ أم إلى طلاب التخصُّص؛ بُغيَة إفادتهم إلى أقصى حدٍّ ممكن، لأنهم أبناء القِسْم وأوْلى بمعروفه؟
والمحصِّلة: أن بعض الجهات تنظر إلى هذه المقرَّرات على أنها ثانوية؛ فلا تكلِّف بتدريسها إلا أضعف مدرِّسيها!
ب) خلو المحاضرة من المسائل المستجِدَّة أو المثيرة، وشعور الطالب بأن ما يتعلَّمه الآن تكرارٌ لما سبق أن تعلَّمه في المراحل الدراسية السابقة.
ج) الاعتماد على الأساليب التقليدية في تدريس هذه المقرَّرات – أسلوب الإلقاء أو الإملاء – وعدم الاستفادة من الوسائل والتَّقنيات الحديثة، التي من شأنها أن تشدَّ انتباه الطالب، وتجعل مشاركته في المحاضرة أكثر، وتدفع عنه السآمة والملل.
د) القسوة والصرامة في التعامل مع الطالب، الأمر الذي يُشعِره بأنَّ هذا المقرَّر عبءٌ عليه، وعقبةٌ في طريقه، فيتلقَّاه وهو له كارهٌ؛ فأنَّى يستفيد منه؟!
4 - الطالب:
أما المآخذ التي قد تَرِد على الطَّالب؛ فيمكن إجمالها في الآتي:
أ) نظرته إلى المقرَّر على أنه خارج إطار تخصُّصِه، ومن ثمَّ فهو شيءٌ ثانويٌّ، لا ينبغي أن يأخذ منه كثيرًا من الجهد والاهتمام.
¥