تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فوائد مختصرة من كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح 2]

ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[12 - 10 - 10, 02:47 ص]ـ

فوائد من الآداب الشرعية (2)

فصل في المكر والخديعة والسخرية والاستهزاء

أورد الإمام رحمه الله تعالى قوله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالإلقاب)

قال ابن الجوزي (لا يسخر قوم من قوم): أي لا يسخر غني من فقير ولا مستور عليه ذنبه بمن لم يستر عليه ولا ذو حسب بلئيم حسب

قال ابن عباس ولا تلمزوا أنفسكم: أي يطعن بعضكم على بعض

والمراد بأنفسكم أي إخوانكم والمعنى كما قال ابن الجوزي لا تعيبوا إخوانكم من المسلمين لأنهم كأنفسكم

ولا تنابزوا بالالقاب: أي لا تداعوا بالالقاب

قال تعالى (ويل لكل همزة لمزة)

قال بعض المفسرين: الهمز بالفعل واللمز باللسان

ثم ذكر رحمه الله تعالى الحالات التي يجوز فيها الكذب

قال ابن حمدان (أحد ائمة الحنابلة) ويحرم الكذب لغير إصلاح وحرب وزوجة ويحرم المدح والذم بالباطل

فيفهم من هذا أن الكذب يجوز في ثلاث حالات:-

1) إصلاح ذات البين

2) الحرب

3) على الزوجة اي في مدحها

قال ابن الجوزي: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان ذلك المقصود مباحا وإن كان واجبا فهو واجب وهو مراد الأصحاب (يعني الحنابلة) ومرادهم هنا لغير حاجة وضرورة , (يقصد في الكلام الذي سبق) فإنه يجب الكذب إذا كان فيه عصمة مسلم من القتل وقد قيل أنه يحرم ولكن يجب إرتكاب أدنى المفسدتين (الكذب مفسدته أقل من قتل المسلم)

ولو أمكن المعاريض (وهو ما يسميه البعض (التورية) حَرُم (اي الكذب لمصلحة) لعدم الحاجة إليه

فخلاصة ما ذكر أن الخلاف وقع فيما إذا كان الكذب جائزا في تلك الحالات كما ذكر ابن الجوزي رحمه الله أو كان محرما كما يرى بعض الفقهاء ولكنه يرتكب لدفع أعلى المفسدتين كقتل المسلم وإيذائه فإنهما أعلى من الكذب والقاعدة تقول إذا ازدحمت المفاسد ارتكب ادناها

ولو احتاج إلى اليمين في انجاء معصوم من هلكة وجب عليه أن يحلف قال ابن قدامة في المغني: لأن إنجاء المعصوم واجب وقد تعين في اليمين فيجب.

لأن الذي لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كمن يسأل عن مسلم ويعلم أن السائل يريد ضره فيحلف أنه لا يعلم مكانه

ثم ذكر حالة يجوز فيها الكذب فقال رحمه الله: وقال بعض أصحابنا المتأخرين (اي فقهاء الحنابلة) إنه يجوز كذب الإنسان إذا لم يتضمن ضرر على الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه أي عنده حق لا يستطيع أخذه إلا بالكذب بشرط أن لا يؤدي هذا الكذب إلى الإضرار بغيره واستدل بقصة الحجاج بن جلاط عندما كذب على المشركين حتى أخذ ماله وهذه قصته كما أوردها ابن إسحاق رحمه الله

قال ابن إسحاق: ولما فتحت خيبر كلم رسول الله الحجاج بن علاط السلمي، ثم البهزي فقال: يا رسول الله إن لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة - وكانت عنده، له منها معوض بن الحجاج - ومالا متفرقا في تجار أهل مكة، فائذن لي يا رسول الله.

فأذن له، فقال: إنه لا بد لي يا رسول الله أن أقول.

قال: «قل».

قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة، وجدت بثنية البيضاء رجالا من قريش يستمعون الأخبار، ويسألون عن أمر رسول الله، وقد بلغهم أنه قد سار إلى خيبر، وقد عرفوا أنها قرية الحجاز ريفا ومنعة ورجالا، وهم يتجسسون الأخبار من الركبان.

فلما رأوني قالوا: الحجاج بن علاط - قال ولم يكونوا علموا بإسلامي - عنده والله الخبر.

أخبرنا يا أبا محمد فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر، وهي بلد يهود وريف الحجاز؟

قال: قلت: قد بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسركم.

قال: فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون: إيه يا حجاج؟

قال: قلت: هُزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط.

وقد قتل أصحابه قتلا لم يسمعوا بمثله قط، وأسر محمد أسرا وقالوا: لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم.

قال: فقاموا وصاحوا بمكة وقالوا: قد جاءكم الخبر، وهذا محمد إنما تنتظرون أن يُقدم به عليكم فيُقتل بين أظهركم.

قال: قلت: أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي، فإني أريد أن أقدم خيبر، فأصيب من فل محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هنالك.

قال: فقاموا فجمعوا لي ما كان لي كأحث جمع سمعت به.

قال: وجئت صاحبتي فقلت: مالي، وكان عندها مال موضوع، فلعلي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار.

قال: فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر وما جاءه عني، أقبل حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيم التجار، فقال: يا حجاج ما هذا الذي جئت به؟

قال: قلت: وهل عندك حفظ لما وضعت عندك؟

قال: نعم!

قال: قلت: فاستأخر حتى ألقاك على خلاء، فإني في جمع مالي كما ترى فانصرف حتى أفرغ.

قال: حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة وأجمعت الخروج لقيت العباس، فقلت: احفظ علي حديثي يا أبا الفضل فإني أخشى الطلب ثلاثا، ثم قل: ما شئت.

قال: أفعل.

قلت: فإني والله تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم - يعني: صفية بنت حيي - وقد افتتح خيبر وانتثل ما فيها وصارت له ولأصحابه.

قال: ما تقول يا حجاج؟

قال: قلت: أي والله فاكتم عني ولقد أسلمت، وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا عليه من أن أغلب عليه، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك فهو والله على ما تحب.

قال: حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له، وتخلق وأخذ عصاه ثم خرج حتى أتى الكعبة فطاف بها، فلما رأوه قالوا: يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحر المصيبة!

قال: كلا والله الذي حلفتم به، لقد افتتح محمد خيبر، ونزل عروسا على بنت ملكهم، وأحرز أموالهم وما فيها وأصبحت له ولأصحابه.

قالوا: من جاءك بهذا الخبر؟

قال: الذي جاءكم بما جاءكم به، ولقد دخل عليكم مسلما وأخذ أمواله فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه.

فقالوا: يا لعباد الله انفلت عدو الله، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن.

قال: ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير