هَل حَاسبْتَ نَفْسَكَ يوْماً .. !؟ إذاً حَاسِبْ نَفْسَكَ هَكَذَا.
ـ[ماجد المطرود]ــــــــ[25 - 10 - 10, 04:38 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد
فإن الله تعالى منَّ علينا نحن بنو آدم بنعم عظيمة أجلها نعمة العقل فهو مناط التكليف وهو المييز لبني آدم عن غيرهم .. ففبه يدرك الإنسان ماهو عليه من صواب وخطأ .. وبه يدرك الإنسان حقيقة وجوده في هذه الحياة الدنيا .. وبه يدرك الإنسان أهمية محاسبة نفسه بين الفينة والإخرى قبل أن يلقى الله تعالى فيحاسبه وهو لم يحاسب نفسه .. فكيف نحاسب أنفسنا وكيف نجعلها من أطيب النفوس نفساً لوامةً لصاحبها .. قال الله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} وقال الله تعالى: { ... ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} وقال الله تعالى: {إن السمع والبصر والفؤال كلُّ أولئك كان عنه مسئولا}
فإذا علمت أيها العبد الفقير أن الله تعالى محاسبك على كل شئ وهو الذي لاتخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء فإنه لحقيق بك أن تسعى في محاسبة نفسك قبل ان يحاسبك الله تعالى " ومن نوقش الحساب عُذّب " ...
وقد يتساءل كثير منا عن محاسبة النفس كيف تكون أفي لوم النفس على تهاونها تكون أم على الجلوس جلسة خاصة في ساعة من الليل أُصفّي فيها ذهني عن الشواغل والهموم وأتفرغ إلى مراجعة ما عملته في يومي وليلتي .. ؟ كل هذه تساؤلات مطروحة .. ولكن إليك ما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كلامه الذهبي هذا في كتابه إغاثة اللهفان:
(محاسبة النفس نوعان: نوع قبل العمل , ونوع بعده ..
فأما النوع الأول:
فهو أن يقف عند أول همه وإرادته , ولايبادر بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه.
قال الحسن: رحم الله عبداً وقف عند همه , فإن كان لله مضى , وإن كان لغيره تأخر.
وشرح هذا بعضهم فقال: إذا تحركت النفس لعمل من الأعمال وهمّ به العبد , وقف أولاً , ونظر:هل ذلك العمل مقدور له أو غير مقدور ولا مستطاع؟ فإن لم يكن مقدوراً لم يقدم عليه.
وإن كان مقدوراً وقف وقفةً أخرى ونظر:
هل فعله خير له من تركه , أو تركه خير له من فعله؟
فإن كان الثاني تركه ولم يقدم عليه.
وإن كان الأول وقف وقفة ثالثة ونظر:
هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز وجل وثوابه , أو إرادة الجاه والثناء والمال من المخلوق؟
فإن كان الثاني لم يقدم , وإن أفضى به إلى مطلبه لئلا تعتاد النفس الشرك.
وإن كان الأول وقف وقفة أخرى , ونظر:
هل هو معان عليه , أم لا؟ فإن لم يكن له أعوان أمسك عنه , كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد بمكة حتى صار له شوكة وأنصارا.
وإن وجد معاناً عليه فليقدم عليه فإنه منصور.
فهذه أربع مقامات يحتاج إلى محاسبة نفسه عليها قبل العمل.
النوع الثاني:
محاسبة النفس بعد العمل , وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: محاسبتها على طاعةٍ قصّرت فيها من حق الله تعالى , فلم توقعها على الوجه الذي ينبغي.
- وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور: الإخلاص في العمل , والنصيحة لله فيه , ومتابعة الرسول فيه , وشهود مشهد الإحسان فيه , وشهود منّةِ الله عليه , وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كلِّه.
الثاني: أن يحاسب نفسه على كل عمل ترْكُه خيراً له من فعله.
الثالث: أن يحاسب نفسه على أمر مباح , أ, معتاد: لم فعله؟
وهل أراد به الله والدار الآخرة؟ فيكون رابحاً , أو أراد به الدنيا وعاجلها , فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به .. انتهى كلامه رحمه الله.
ومن نماذج السلف في طرائق محاسبة النفس مالك ابن دينار رحمه الله تعالى حيث حدّث عنه عبد السلام بن حرب -رحمهما الله- يقول: سمعت مالك بن دينار يقول لنفسه: (إني والله ما أريد بك إلا الخير) مرتين ..
ثم اعلم ايها القارئ المبارك أن أصعب ما على النفس مخالفتها ومن ذلك محاسبتها , ولكن إذا علمت قول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الشديد ليس الذي يغلب الناس , ولكن الشديد من غلب نفسه" أدركت أخي عظيم فضل غلبة المؤمن على نفسه وما تهواه ..
واستيقضي يانفس ويحك واحذري
حذار يهيج عبرتي ونحيبي
أسأل الله تعالى أن يعيننا على محاسبة أنفسنا قبل ان نحاسب ..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
ـ[السوادي]ــــــــ[25 - 10 - 10, 08:03 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[ماجد المطرود]ــــــــ[25 - 10 - 10, 09:08 م]ـ
وإياك أخي السوادي ..