تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إليك ضابط " الاستطاعة المالية " للحاج.]

ـ[عبدالرحمن أبو عبدالله]ــــــــ[25 - 10 - 10, 08:11 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الكريم وبعد،،

من الأمور المهمة معرفة ضوابط الحكم الشرعي وشروطه وموانعه حتى يتسنى تحقق الحكم في الشخص - و بادئ ذي بدء استسمحكم عذرا في الموضوع فلقد كتبته على عجل ولكن رأيت أن انجزه للحاجة إليه - كما هو معلوم أنه لا يجب الحج إلا عند وجود الشروط وانتفاء الموانع، ومن الشروط الوجوبية للحج: الاستطاعة بقسميها (المالية والبدنية) وسأقتصر على الاستطاعة المالية فقط.

فأقول أولا: معنى الاستطاعة المالية: أن يملك المرء النفقة التي توصله إلى بيت الله الحرام ذهاباً، وإياباً. ينظر (الإسلام سؤال وجواب المنجد).

ثانيا: ضابط الاستطاعة المالية: (أن يفضل عنده من المال ما يكفيه للحج بعد قضاء الواجب، والنفقات الشرعية، والحوائج الأصلية). ولعلي أقف مع هذا الضابط في ثلاثة أمور.

وقبل بيان الأمور الثلاثة أشار بعض الفقهاء إلى أنه لا بد أن يملك المرء زادا وراحلة صالحين لمثله ولكن هل هذا على إطلاقه أم أنه محدد أم أنه يكفي زاد وراحلة توصلاه للحج يقول الشيخ ابن عثيمين - في ذاك الرجل الذي لا يصلح لمثله الزاد والراحلة -:" عموم قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]، فإنه يشمل من أمكنه السفر على راحلة لا تصلح لمثله، وبزاد لا يصلح لمثله.

والناس إذا سافروا إلى الحج على مثل هذه الراحلةـ كحمار مثلاً ـ أو بمثل هذا الزاد إذا كان لا يصلح لمثله، فإنهم لا يشمت بعضهم ببعض ولا يعير بعضهم بعضاً، فلا يقال حينئذٍ: إنه عاجز، والله ـ عزّ وجل ـ يقول: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]، لأن زاد المسافر ليس كزاد المقيم".

وقد صوب رحمه الله تعالى قول من يقول أنه لا يشترط أن يكون الزاد والراحلة صالحين لمثله لأن غاية ما هنالك مخالفة المألوف فقال في الشرح الممتع: " من وجد زاداً وراحلة يصل بهما إلى المشاعر ويرجع لزمه الحج، ولم يقيدوا ذلك بكونهما صالحين لمثله، وهذا أقرب إلى الصواب، ولا عبرة بكونه يفقد المألوف من مركوب، أو مطعوم، أو مشروب، فإن هذا لا يعد عجزاً ".

ولعلي أرجع إلى ما ذكرته سابقا في بيان الأمور الثلاثة:

الأمر الأول: قضاء الواجبات:

أشار الشيخ ابن عثيمين:إلى أن الواجبات: هي كل ما يجب على الإنسان بذله، كالديون لله ـ عزّ وجل ـ، أو للآدمي، والنفقات الواجبة للزوجة والأقارب، والكفارات، والنذور، فلا بد أن يقضي هذه الأشياء. فمن كان عنده مال إن قضى به الدين لم يتمكن من الحج، وإن حج لم يقض به، فهذا ليس بقادر إلا بعد قضاء الديون.

ولو أن صاحب الدين أذن له أن يحج , فهل يكون قادراً؟

فالجواب: لا , لأن المسألة ليست إذناً أو عدم إذن وما يظنه بعض المدينين من أن العلة هي عدم إذن الدائن، فإنه لا أصل له.

الأمر الثاني: النفقات الشرعية:

ابن عثيمين أشار إلى أنها هي التي يقرها الشرع ويبيحها، كالنفقة له , ولعياله على وجه لا إسراف فيه وهل هي النفقات الشرعية التي تكفيه في حجه ورجوعه، أو في سنته، أو على الدوام؟ هذه ثلاثة أقوال. وقال ابن عثيمين: ولو أن قائلاً قال: نقدر النفقة بالسنة كما قدروها في باب الزكاة: أن الفقير من لا يجد كفايته سنة لم يكن بعيداً.

ولكن قال الشيخ محمد المنجد في فتاوى الإسلام سؤال وجواب: فإن كان متوسط الحال وأراد أن يظهر بمظهر الغني فاشترى سيارة ثمينة ليجاري بها الأغنياء، وليس عنده مال يحج به، وجب عليه أن يبيع السيارة ويحج من ثمنها، ويشتري سيارة تناسب حاله.

لأن نفقته في ثمن هذه السيارة الثمينة ليست نفقة شرعية، بل هو إسراف ينهى الشرع عنه.

والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود.

ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة

عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك.

ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله

من ربحها، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله.

سئلت اللجنة الدائمة (11/ 36) عن رجل له مبلغ من المال في بنك

إسلامي وراتبه مع أرباح المال تكفيه بصورة معتدلة، فهل يجبعليه الحج من رأس المال

مع العلم أن ذلك سيؤثر على دخله الشهري ويرهقه مادياً؟

فأجابت:

إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج لعدم الاستطاعة

الشرعية، قال الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً).

وقال: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) اهـ.

الأمر الثالث: الحوائج الأصلية:

ابن عثيمين أشار إلى أنها: هي التي يحتاجها الإنسان كثيراً. مثال الحوائج الأصلية: الكتب، والأقلام، والسيارة، وما أشبه ذلك، هي غير ضرورية، لكن لا بد لحياة الإنسان منها، فطالب العلم عنده كتب يحتاجها للمراجعة والقراءة، فلا نقول له: بع كتبك، وحج، أمّا لو كان عنده نسختان فنقول له: بع إحدى النسختين، فإن كانتا مختلفتين قلنا: اختر ما تراه أنسب لك، وبع الأخرى؛ لأن ما زاد على النسخة الواحدة لا يعتبر من الحوائج الأصلية.

وهل يقدم النكاح فإذا كان الرجل يحتاج إلى الزواج، ويشق عليه تأخيره فإنه يقدم الزواج على الحج.

أما إذا كان لا يحتاج إلى الزواج فإنه يقدم الحج.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/ 12):

وإن احتاج إلى النكاح , وخاف على نفسه العنت (أي المشقة) , قدم التزويج , لأنه واجب عليه , ولا غنى به عنه , فهو كنفقته , وإن لم يخف , قدم الحج ; لأن النكاح تطوع , فلا يقدم على الحج الواجب اهـ. وانظر أيضا: "المجموع" (7/ 71) للنووي.

...

والله أعلم ...

....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير