تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[في صفة المنبر المشروع]

ـ[محمود المغناوي]ــــــــ[27 - 10 - 10, 10:16 م]ـ

[في صفة المنبر المشروع]

لفضيلة الشيخ محمد علي فركوس

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أما بعد:

فاعلمْ أنّ منبرَ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم –مِنْ حيث صفتُه- كان صغيرًا وقصيرًا ومتواضِعًا، صُنِعَ مِن خشبٍ لا يتعدّى ثلاثَ درجاتٍ، وكان يقف على الدّرجةِ التي تلي المستراحَ (1 - المستراح: هو أعلى المنبر الذي يقعد عليه الخطيب ليستريح قبل الخطبتين حال الأذان وبينهما وهي السنة. ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_1')))، وكان بين موضعِ منبرِه وبين الحائطِ قدْرُ ممرِّ شاةٍ، فلم يكن منبرُه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم –مِن جهةِ صفتِه وموضعِه- ليقطعَ صفًّا أو يُبَعِّدَ بين المصلّين أو يُؤْذِيَهم، تَتَحَقَّقُ معه سنّةُ بروزِ الإمامِ في الصّلاةِ والخطبةِ؛ لأنّ رؤيةَ المصلّين له أشدُّ تأثيرًا على النّفسِ وأبلغُ لموعظتِه وتوجيهِه، كما يتحقّق معه أيضًا سنّةُ الاستقبالِ، ويدلّ على ذلك حديثُ أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه «أَنَّ رُومِيًّا صَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْبَرًا لَهُ دَرَجَتَانِ، وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّالِثَةِ» (2 - أخرجه الدارمي في «سننه» (1/ 32) باب ما أكرم النبي صلى الله عليه وسلم بحنين المنبر، وابن خزيمة في «الجمعة» (3/ 139) باب ذكر أن موضع قيام النبي صلى الله عليه و سلم في الخطبة، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (5/ 206). ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_2')))، وحديثُ ابنِ عبّاسٍ رضي اللهُ عنهما قال: «وَكَانَ مِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصِيرًا، إِنَّمَا هُوَ ثَلاَثُ دَرَجَاتٍ» (3 - أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 268) رقم (2419)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 416)، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه ل «مسند أحمد» (4/ 136). ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_3')))، وحديثُ جريرٍ رضي اللهُ عنه قال: «فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا» (4 - أخرجه مسلم في «الزكاة» (1/ 452) رقم (1017). ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_4')))، وحديثُ سلمةَ بنِ الأكوعِ رضي اللهُ عنه: «كَانَ بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الحَائِطِ كَقَدْرِ مَمَرِّ الشَّاةِ» (5 - أخرجه أبو داود في «الصلاة» (1082) باب موضع المنبر. وصححه الألباني في «الإرواء» (3/ 78). ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_5'))).

هذا، ولم يقتصرِ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم على الوعظِ عليه يومَ الجمعةِ فحسْبُ، بل كان رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم يستعمل مِنْبرَه وسيلةً للتّعليمِ والإرشادِ وبيانِ الأحكامِ ونصحِ النّاسِ في سائرِ الأيّامِ حالَ اقتضاءِ الحاجةِ على ما هو ثابتٌ في السّننِ، وبقي منبرُه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم على هذه الحالِ حتّى بعد عهدِ الخلفاءِ الرّاشدين.

قال النّوويُّ -رحمه الله-: «أجمع العلماءُ على أنّه يُستحبّ كونُ الخطبةِ على منبرٍ للأحاديثِ الصّحيحةِ التي أشرْنا إليها، ولأنّه أبلغُ في الإعلامِ، ولأنّ النّاسَ إذا شاهدوا الخطيبَ كان أبلغَ في وعظِهم» (6 - «المجموع» للنووي (4/ 527). ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_6'))).

ثمّ أحدث النّاسُ في صفةِ المنبرِ وشكلِه وموضعِه وعددِ درجاتِه ممّا هو معلومٌ مخالفَتُه للهديِ النّبويِّ، فأقاموا المنابِرَ الطّويلةَ العاليةَ ذاتَ الدّرجاتِ الكثيرةِ التي تقطع الصّفَّ وتحجب الرّؤيةَ عنِ المصلّين وتُؤذيهم، وفي الحديثِ: «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا» (7 - أخرجه ابن ماجه في «إقامة الصلاة والسنة فيها» (1002) باب الصلاة بين السواري في الصف، من حديث قرة بن إياس المزني رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 655). ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_7'))).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير