تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لِمَ كان القول بخلَق القرآن كفراً؟

ـ[عبدالله المُجَمّعِي]ــــــــ[19 - 10 - 10, 01:07 ص]ـ

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد؛ أحبتي متصفحي " ملتقى أهل الحديث " طرح أحد الأعضاء سؤالاً بعنوان: هل القرآن مخلوق أم لا؟ ولم يجب عليه أحداً بإجابة شافية كافية رادعه مزيله للإشكال والشبه، فوعدت الأخوة بإضافة ما يشبع حول مسألة خلق القرآن من عدمها، ومما دفعني أكثر لنقل ما كتب حول المسألة لفضيلة الشيخ آل عبداللطيف، هو رسالة جاءتني على الخاص من محب للخير أحسبه كذلك، لكنه خالف الصواب في نصيحته لي ونصها [إحذر: بخصوص خلق القرءان؛ فلا هو مخلوق و لا هو غير مخلوق!! و لا تصح فيه المسألة أصلا .. هل أسأل الفتاة هل أديتى الخدمة العسكريه الإلزامية؟ أو هل أسأل الرجل أتاك الحيض أم لا؟ مسأله لا يجوز طرحها أصلا]

قلت بسم الله مستعيناً بالله

(*) د عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف

حكى الإمام اللالكائي (ت418) مقالة السلف الصالح: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن من قال بخلقه فهو كافر، وأسندها إلى خمس مائة وخمسين إماماً [انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: 2/ 312،2/ 216 - 316]، سوى الصحابة الأخيار ـ رضي الله عنهم ـ ثم قال: " ولو اشتغلت بنقل قول المحدِّثين لبلغتْ أسماؤهم ألوفاً كثيرة، لكني اختصرت وحذفت الأسانيد للاختصار، ونُقلَتْ عن هؤلاء عصراً بعد عصر لا ينكِر عليهم مُنكِر، ومن أنكر قولهم استتابوه، أو أمروا بقتله، أو نفيه، أو صلبه [المرجع السابق 312]

والأدلة على كون القرآن كلام الله غير مخلوق أكثر من أن تُحصَر، ومن ذلك أن الله ـ تعالى ـ فرق بين الخلق والأمر في قوله {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54] فالخلق خلق الله، والأمر: القرآن.

كما فرَّق ـ سبحانه ـ بين عِلمه وخَلقه، فقال ـ عز وجل ـ {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ} [الرحمن: 1ـ3] فالقرآن عِلمُه، والإنسان خلفُه؛ فعلمه ـ تعالى ـ غير مخلوق. قال تعالى {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعَدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] فالعلم هاهنا القرآن.

وفي حديث خولة بنت حكيم ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق، لم يضرَّه شيء حتى يرحل من منزله ذلك " [أخرجه مسلم].

فكلمات الله غير مخلوقة؛ إذ لا يُشرَع الاستعاذة بمخلوق، وإنما يستعاذ بالله ـ تعالى ـ وبأسمائه وصفاته.

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه " [أخرجه أحمد:3/ 390، وأبو داود (4734) والترمذي (2925) وصححه]

فلو كان كلام الله مخلوقاً لم يكن فضل ما بينه وبين سائر الكلام كفضل الله على خلقه، وليس شيء من المخلوقين من التفاوت في فضل ما بينهما كما بين الله وبين خَلقِه [انظر: الرد على الجهمية لعثمان الدارمي: ص 162]

فالقول بخلق القرآن كفر ظاهر؛ إذ هو تكذيب لنصوص الوحيين، وإلحاد في أسماء الله وصفاته، وتعطيل لما يحب الله ـ عز وجل ـ من الكمال، أفيقال بعد هذا: إن هذه المسألة ليست من أصول الدين؟ [قالها بعض الذين أُشربوا البدعة كالمقبلي في العلم الشامخ، وأبي غدة في مسألة خلق القرآن، وتبعهم بعض متسننة هذا العصر، أرباب الترنح والتلفيق ... انظر في الرد عليهم: رسالة تنبيه الإخوان، لحمود التويجري، والمحنه وأثرها في منهج الإمام أحمد، لعبد الله الفوزان]

أيُظَن أن السلف الصالح يكفَّرون ويغلظون على من خالفهم في مسألة فرعية؟

أيُظََن أن الإمام أحمد بن حنبل يُعرَّض نفسه للتلف لأجل مسألة يسوغ فيها الخلاف؟

فلقد كابد الإمام أحمد السجن أكثر من عامين، وتخلى عنه الناس، وتوالت عليه السياط، وعانى الضرب الشديد حتى تخلَّعت يداه، وتفاقمت جروحه، ومُنِعَ من صلاة الجمعة والجماعة ...

أفيكون ذلك كله لأجل أمر أجتهادي؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير