تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من روائع شيخ الإسلام: أصناف الناس في السياسة الشرعية]

ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[12 - 10 - 10, 12:05 م]ـ

قال، رحمه الله، في كتابه السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية:

"ولكن افترق الناس هنا ثلاث فرق:

فريق غلب عليهم حب العلو فى الأرض والفساد، فلم ينظروا فى عاقبة المعاد، ورأوا أن السلطان لا يقوم إلا بعطاء، وقد لا يتأتى العطاء إلا باستخراج أموال من غير حلها، فصاروا نهابين وهابين. وهؤلاء يقولون: لا يمكن أن يتولى على الناس إلا من يأكل ويطعم، فإنه اذا تولى العفيف الذى لا يأكل ولا يطعم سخط عليه الرؤساء وعزلوه، إن لم يضروه فى نفسه وماله. وهؤلاء نظروا فى عاجل دنياهم، وأهملوا الآجل من دنياهم وآخرتهم، فعاقبتهم عاقبة رديئة فى الدنيا والآخرة، إن لم يحصل لهم ما يصلح عاقبتهم من توبة ونحوها.

وفريق عندهم خوف من اللّه تعالى، ودين يمنعهم عما يعتقدونه قبيحاً من ظلم الخلق، وفعل المحارم. فهذا حسن واجب؛ ولكن قد يعتقدون مع ذلك أن السياسة لا تتم إلا بما يفعله أولئك من الحرام، فيمتنعون عنها مطلقا، وربما لأن فى نفوسهم جبن أو بخل أو ضيق خلق، ينضم إلى ما معهم من الدين، فيقعون أحياناً فى ترك واجب، يكون تركه أضر عليهم من بعض المحرمات، أو يقعون فى النهى عن واجب، يكون النهى عنه من الصد عن سبيل اللّه. وقد يكونون متأولين. وربما اعتقدوا أن إنكار ذلك واجب ولا يتم إلا بالقتال، فيقاتلون المسلمين كما فعلت الخوارج، وهؤلاء لا تصلح بهم الدنيا ولا الدين الكامل، لكن قد يصلح بهم كثير من أنواع الدين وبعض أمور الدنيا. وقد يعفى عنهم فيما اجتهدوا فيه فأخطؤوا، ويغفر لهم قصورهم. وقد يكونون من الأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وهذه طريقة من لا يأخذ لنفسه، ولا يعطى غيره، ولا يرى أنه يتألف الناس من الكفار والفجار، لا بمال ولا بنفع، ويرى أن إعطاء المؤلفة قلوبهم من نوع الجور والعطاء المحرم.

الفريق الثالث: الأمة الوسط، وهم أهل دين محمد صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه على عامة الناس وخاصتهم إلى يوم القيامة، وهو إنفاق المال والمنافع للناس، وإن كانوا رؤساء، بحسب الحاجة، إلى صلاح الأحوال، ولإقامة الدين، والدنيا التى يحتاج إليها الدين، وعفته فى نفسه، فلا يأخذ ما لا يستحقه. فيجمعون بين التقوى والإحسان {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل: 128].

ولا تتم السياسة الدينية إلا بهذا، ولا يصلح الدين والدنيا إلا بهذه الطريقة.

وهذا هو الذى يطعم الناس ما يحتاجون إلى طعامه، ولا يأكل هو إلا الحلال الطيب، ثم هذا يكفيه من الإنفاق أقل مما يحتاج إليه الأول، فإن الذى يأخذ لنفسه، تطمع فيه النفوس، ما لا تطمع فى العفيف، ويصلح به الناس فى دينهم ما لا يصلحون بالثانى، فإن العفة مع القدرة تقوي حرمة الدين، وفى الصحيحين عن أبى سفيان بن حرب: أن هرقل ملك الروم سأله عن النبى صلى الله عليه وسلم: بماذا يأمركم؟ قال: يأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. وفى الأثر: أن اللّه أوحى إلى إبراهيم الخليل، عليه السلام: يا إبراهيم، أتدرى لم اتخذتك خليلا؟ لأنى رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ ".

انتهى كلامه عليه الرحمة والرضوان.

ـ[عبد الله عبد الفتاح الشامي]ــــــــ[12 - 10 - 10, 01:51 م]ـ

قال الشيخ عبد الله الموصلي -حفظه الله- -معلقًا على كلامه في تزاحم المصالح والمفاسد-: ما شاء الله. لما لما انفطم على غذاء الوحي صغيرًا، وشب على العمل به ولم ينزع إلى غيره في علمه وعمله ودعوته؛ مع عمق وسعة اطلاعه على جميع أجناس مع يحتج به الناس، أُلهم من المدارك ما يُرى كأن الحق يجري على لسانه وبنانه، ويجد صاحب العلم والحكمة في نفسه ضرورة لقبول كلامه؛ لا يمكنه دفعها، وعلمنا بصبره لدينه علماً وعملاً وجهادًا دائبًا، ويقينه -نحسبه- بعواقب ما دل الشرع عليه في أمر الدنيا والدين؛ يجعلنا لا نتعجب من ظهور ذلك جليًا منه، ويطلب أحدنا ما في أقواله وترجيحاته من يجد فيه سكينه ورفع تردد في المسائل والأزمات مما تختلف فيه أنظار أهل العلم في نصوص الوحي، فياله من عالم رباني ومُرَبٍّ عالمي (انتهى.

وهذا الرابط:

http://almousely.com/home/node/130

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير