تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[26 - 02 - 07, 11:14 م]ـ

أعجب منك أخي الفاضل الشمالي وأنت تعتقد أن الشيطان " تكلَّم في جهنم! وأن الله تعالى سمع كلامه فنقله لنا "!!!

وهذا من أعجب ما يمكن أن نسمعه

القيامة لم تقم لا عند الله ولا عندنا

وما ذكره الله تعالى ذكره في غيره في القيامة نفسها (أتى أمر الله فلا تستعجلوه)! فكيف جاء وعلينا أن لا نستعجله؟؟

هذا يا أخي من " الإخبار " لا هو من " السماع " ولا هو من " الرؤية "!

وهو إخبار بصيغة الماضي عن شيء مستقبل، وهو في القرآن كثير

قال الشنقيطي رحمه الله:

قوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ)، أي: قرب وقت إتيان القيامة، وعبَّر بصيغة الماضي تنزيلاً لتحقق الوقوع منزلة الوقوع.

انتهى

وقال:

والتعبير بصيغة الماضي عن المستقبل لما ذكرنا كثير جداً في القرآن العظيم، ومنه قوله: هنا: {وَحَشَرْنَاهُمْ} [18/ 47]، وقوله: {وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ} [18/ 48]، وقوله: {لَقَدْ جِئْتُمُونَا}. ومنه قوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}، وقوله: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ} [18/ 99]، وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [39/ 71]، وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَواْ رَبَّهُمْ} [39/ 73] ونحو ذلك كثير في القرآن لما ذكرنا.

انتهى

وأما آية (ألست بربكم) فلا أدري وجه الاستدلال

فهي إما بلسان الحال منا

وإما بلسان المقال

وفي الحال الثانية: هي حقيقية، وهي إخبار عن شيء ماضٍ قلناه وسمعه الله تعالى، فأين وجه الاستدلال في موضوعنا عن الإخبار عن شيء مستقبل؟

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند العلماء:

أحدهما: أن معنى أخذه ذرية بني آدم من ظهورهم: هو إيجاد قرن منهم بعد قرن، وإنشاء قوم بعد آخرين كما قال تعالى: {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [6/ 133]، وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ} [35/ 39]، وقال: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ} [27/ 62]، ونحو ذلك من الآيات، وعلى هذا القول فمعنى قوله: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} [7/ 172]، أن إشهادهم على أنفسهم إنما هو بما نصب لهم من الأدلة القاطعة بأنه ربهم المستحق منهم لأن يعبدوه وحده، وعليه فمعنى: {قَالُواْ بَلَى}، أي: قالوا ذلك: بلسان حالهم لظهور الأدلة عليه ونظيره من إطلاق الشهادة على شهادة لسان الحال قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [9/ 17]، أي: بلسان حالهم على القول بذلك، وقوله تعالى: {إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [100/ 6، 7]، أي: بلسان حاله أيضاً على القول بأن ذلك هو المراد في الآية أيضاً.

واحتج من ذهب إلى هذا القول بأن الله جل وعلا جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك به جل وعلا، في قوله: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [7/ 172، 173]، قالوا: فلو كان الإشهاد المذكور الإشهاد عليهم يوم الميثاق، وهم في صورة الذر لما كان حجة عليهم؛ لأنه لا يذكره منهم أحد عند وجوده في الدنيا، وما لا علم للإنسان به لا يكون حجة عليه، فإن قيل: إخبار الرسل بالميثاق المذكور كاف في ثبوته، قلنا: قال ابن كثير في "تفسيره": "الجواب عن ذلك أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره، وهذا جعل حجة مستقلة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من التوحيد، ولهذا قال: {أَنْ تَقُولُوا} الآية. اهـ منه بلفظه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير