(أكره للفقراء دخول الحمام , وأحب لجميع أصحابي الجوع والعري والفقر والذل والمسكنة , وأفرح لهم إذا نزل بهم ذلك).
ونقل أبو المظفر أن أبا بكر الوراق قال:
(الزهد مركب من الحروف الثلاثة: الزاء , والهاء , والدال , فالزاي ترك الزينة , والهاء ترك الهوى , والدال ترك الدنيا).
ونقل أبو طالب المكي عن سفيان أنه قال: (الصائم إذا اهتم في أول النهار بعشائه كتب عليه خطيئة , وكان سهل (التستري) يقول: إن ذلك ينقص من صومه).
ونقل عن حذيفة المرعشي أنه قال:
(منذ أربعين سنة لم أملك إلا قميصا واحدا).
وذكر الكلاباذي في تعرفة عن أبي الحسن محمد بن أحمد الفارسي أنه قال: (من أركان التصوف ترك الاكتساب وتحريم الادخار).
ونقل نجم الدين الكبري المتوفى 618 هـ: التصوف هو نبذ الدنيا كلها.
ويقول الهروي عبد الله الأنصاري المتوفي 481 هـ:
(الزهد أصله تعذيب الظاهر بترك الدنيا).
وينقل ابن الملقن عن أستاذ الجنيد أنه قال:
(علامة الفقير الصادق أن يفتقر بعد الغنى , وينحط بعد الشهرة).
وينقل السلمي عن سمنون المحب – وهو من أصحاب السري السقطي – أنه سئل عن الفقير الصادق فقال: (الذي يأنس بالعدم كما يأنس الجاهل بالغنى , ويستوحش من الغنى كما يستوحش الجاهل من الفقر).
وذكروا عن أبي يزيد البسطامي أنه سئل: بأي شيء نلت هذه المعرفة؟ فقال: (ببطن جائع وبدن عار).
وأخيرا ذكر الكلاباذي عن الصوفية فقال:
(أنهم قوم تركوا الدنيا فخرجوا عن الأوطان , وهجروا الأخدان , وساحوا في البلاد , وأجاعوا الأكباد , وأعروا الأجساد).
مع اعترافهم بأن هذه هي المسيحية كما نص على ذلك أبو طالب المكي حيث قال:
(روينا عن عيسى عليه السلام أنه قال: (أجيعوا أكبادكم , وأعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله عز وجل).
فالنصوص في هذا المعنى أكثر من أن تعد وتحصى , وأن يسعها كتاب فهيهات هيهات أن يسعها باب أو جزء من الباب , وكل هذه النصوص تنطق صراحة عن مصدرها الأصلي ومرجعها الحقيقي , ولا علاقة لها بتعاليم الإسلام وإرشاداته , بل أنها مخالفة تماما لتلك , ولكي يسهل على القراء والباحثين المقارنة ذكرنا ما ورد في القرآن والسنة في هذا الخصوص , كما أوردنا قبل ذلك توجيهات مسيحية وتعاليم رهبانية وعلى ذلك قال C.H. BECKER وآسين بلاثيوس , ونيكلسون بأن ترك الدنيا , ومعنى التوكل جاء في التصوف من المسيحية.
ونص فون كريمر على أن الزهد الصوفي نشأ بتأثير من الزهد المسيحي.
وقال جولد زيهر:
(إن مدح الفقر وإيثاره على الغنى كان من العناصر النصرانية).
وأقر بذلك الكاتب الإيراني الكبير الدكتور قاسم غني في كتابه (تاريخ التصوف في الإسلام).
الزّاويَةُ وَ الملْبَسُ
وأما التزام الصوفية لبس الصوف لكونه شعارا وعلامة لهم فأيضا مأخوذ من رهبنة المسيحية لأنه كان زيهم الخاص بهم كما أقر بذلك الصوفي المشهور في طبقاته عن أبي العالية أنه كان (يكره للرجل زي الرهبان من الصوف , ويقول: زينة المسلمين التجمل بلباسهم) ز
ومثل ذلك نقل ابن عبد ربه في (العقد الفريد) عن حماد بن سلمة أنه قال لفرقد السنجي حينما رآه لابسا الصوف:
(دع عنك هذه النصرانية).
وأورد ابن الجوزي مثل هذه الرواية بسنده حيث قال:
(أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد , حدثنا حمد بن أحمد الحداد , حدثنا أبو نعيم الحافظ , حدثنا أبو حامد بن جبلة , حدثنا حمد بن إسحاق , حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث , حدثنا هارون بن معروف , عن ضمرة , قال:
سمعت رجلا يقول: قدم حماد بن سلمة البصرة , فجاءه فرقد السنجي وعليه ثوب صوف , فقال له حماد: ضع عنك نصرانيتك هذه , فلقد رأيتنا ننتظر إبراهيم – يعني النخعي – فيخرج علينا وعليه معصفرة).
وأورد أيضا رواية أخرى مسندة بطريق البخاري رحمة الله عليه قال:
أخبرنا محمد بن ناصر وعمر بن ظفر , قالا: حدثنا محمد بن الحسن الباقلاوي , حدثنا القاضي أبو العلاء الواسطي , حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد السازكي , حدثنا أبو الخير أحمد بن حمد البزار , حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري , حدثنا علي بن حجر , حدثنا صالح بن عمر الواسطي عن أبي خالد , قال:
¥