تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ما موّه به الشنقيطي بقوله: (ص97): " وأما مسألة رجوع المسيح فإنكار الترابي لها تعلق منه بظواهر آيات قرآنية مثل قوله تعالى على لسان المسيح عليه السلام: "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ " فهو يرى أن البعدية المذكورة في هذه الآية تنفي ما ذهب إليه الجمهور من أن عيسى ابن مريم لا يزال حيا وسيرجع في آخر الزمان.

وهذا الاستدلال من أغرب ما رأيت، ولعل الشنقيطي كتب هذا وهو في حال ذهول من عقله، فكل أحد يعلم أن عيسى أرسل قبل رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهو ينزل بعده عاملا بشرع النبي عليه الصلاة والسلام.

قال الألوسي: " ولا يقدح في ذلك ـ أي ختم النبوة ـ ما أجمعت الأمة عليه، واشتهرت في الأخبار ولعلها بلغت التواتر المعنوي ـ ونطقت به الكتاب ـ على قول وجب الإيمان به، وكفر منكره كالفلاسفة: من نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان، لأنه كان نبيا قبل تحلي نبينا صلى الله عليه وسلم بالنبوة ".

وبقوله أي: " الشنقيطي "

"كما أن قوله تعالى على لسان عيسى: " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " يثير إشكالا حول دفعه للزكاة إذا كان حيا يرزق في السماء اليوم!!

وقد أجاب عنه العلماء بما فيه مَقنع لكل ذي عقل.

قال الألوسي:

" وإذا قيل يحمل للزكاة على الظاهر فالظاهر أن المراد {*أوصاني} بأداء زكاة المال أن ملكته فلا مانع من أن يشمل التوقيت بقوله سبحانه: {والزكواة مَا دُمْتُ حَيّاً} مدة كونه عليه السلام في السماء، ويلتزم القول بوجوب الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام هناك كذا قيل

.وأنت تعلم أن الظاهر المتبادر من المدة المذكورة مدة كونه عليه الصلاة والسلام حياً في الدنيا على ما هو المتعارف وذلك لا يشمل مدة كونه عليه السلام في السماء .. " تفسير الألوسي - (ج 11 / ص 485)

قال ابن عاشور:

" والزّكاة: الصدقة. والمراد: أن يصلّي ويزكّي. وهذا أمر خاص به كما أمر نبيئنا صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، وقرينة الخصوص قوله {مَا دُمْتُ حَيّاً} لدلالته على استغراق مدة حياته بإيقاع الصلاة والصدقة، أي أن يصلي ويتصدّق في أوقات التمكن من ذلك، أي غير أوقات الدعوة أو الضرورات.

فالاستغراق المستفاد من قوله {مَا دُمْتُ حَيّاً} استغراقٌ عرفي مراد به الكثرة؛ وليس المراد الصلاة والصدقة المفروضتين على أمته، لأن سياق الكلام في أوصاف تميّز بها عيسى عليه السلام، ولأنه لم يأت بشرع صلاة زائدة على ما شرع في التوراة ".

التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 470)

وواصل الشنقيطي تلبيسه في هذه المسألة بقوله متحدثا عن أحاديث الدجال:

" وقد أشكلت على علماء في الماضي، منهم البيهقي وابن حجر غيرهما، لمعارضة بعضها ليقينيات الوقائع، ومناقضة بعضها لبعض. ..

وبعد الرجوع لكلام الحافظ بن حجر والإمام البيهقي، وغيرهم من أهل العلم وجدنا غير ما ذكر الأستاذ الشنقيطي.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح:– 13/ 398)

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي حَدِيث جَابِر أَكْثَر مِنْ سُكُوت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَلِف عُمَر، فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي أَمْره ثُمَّ جَاءَهُ الثَّبْت مِنْ اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ غَيْره عَلَى مَا تَقْتَضِيه قِصَّة تَمِيم الدَّارِيّ، وَبِهِ تَمَسَّك مَنْ جَزَمَ بِأَنَّ الدَّجَّال غَيْر اِبْنِ صَيَّاد وَطَرِيقه أَصَحّ، وَتَكُونُ الصِّفَة الَّتِي فِي اِبْنِ صَيَّاد وَافَقَتْ مَا فِي الدَّجَّال "

والغريب أن الأستاذ الشنقيطي قد أورد في كتابه ترجيح الحافظ بن حجر على أن الدجال غير ابن صياد ثم سخر من ترجيحه.

قال ابن كثير: " المقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعا لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية وهو فيصل في المقام "

البداية والنهاية 19/ 193

قال ابن كثير: " والأحاديث الواردة في ابن الصياد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره، هل هو الدجال أم لا؟ فالله أعلم.

ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الدجال وتعينه وقد تقدم حديث تميم الدارمي في ذلك، وهو فاصل في هذا المقام، وسنورد من ألأحاديث ما يدل على أن الدجال ليس بابن الصياد "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير