تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن النظريات الفلسفية تأتي في معظمها من فيزيائية أرسطو. وجابر بن حيان يعرف ويقتبس من المترجم حنين بن إسحاق (ت 260هـ/4 - 873م) ومن مدرسته كل الأجزاء المتعلقة بأعمال أرسطو، والمعلقين من أمثال

Alexander of Aphrodisias,

Themistius, Simplicius,

Porphyry

وغيرهم.

ونجد أيضا اقتباسات من أفلاطون،

Theophrastus

Galen

Euclid, Ptolemy,

أرخميدس ( the Placita philosophorum of Ps)

Plutarchus

وغيرهم

والكثير من هذه الأعمال ضاعت أصولها الإغريقية. وليس هناك أي خيمياء في الإسلام بهذا المتسع من المعرفة بالآثار القديمة أو أي خيميائي لديه هذه الشخصية الموسوعية مثل ما هو موجود في كتابات جابر بن حيان. وهذه حالة تشابه مع رسائل إخوان الصفا، والتي ترجع إلى نفس المصدر.

اللغة العلمية في كتابات جابر بن حيان، هي بدون أي استثناء، نفس اللغة التي قدمها حنين بن إسحاق، وهذ ما يظهر أن الكتابات لم تكن كتبت إلا في القرن الثالث الهجري (التاسع ميلادي) على أقل تقدير.

المبدأ الرئيس في علم جابر بن حيان هو ذاك الموجود في “الميزان”. وهذا المصطلح يعكس مدى التأمل المختلف ويظهر مدى الجهد التوفيقي العلمي المبذول. لعل من المهم في هذا السياق تبيان المعاني المتعددة لـ “الميزان” والدلائل المختلفة التي تشير إليها… الميزان تعني:

1 - جاذبية محددة (بالرجوع إلى أرخميدس).

2 - ميزان الخيميائين القدامى لمعرفة وقياس محتويات المركبات

3 - تأمل الحروف العربية وهذا له صلة بالنوعيات الأربعة الأساسية (الحار، البارد، الرطب، اليابس). ميزان الحروف هذا لا ينطبق على كل ما يضم العالم المحسوس فقط، بل ينطبق على ما هو ميتافيزيقي مثل الذكاء، وروح العالم، والمادة، والفضاء، والوقت… لقد استعار جابر هذا من الفيثاغورثية ومن الشيعية (بالرجوع إلى الإمام جعفر).

4 - الميزان هو أيضا مصطلح ميتافيزيقي ورمز إلى الأحادية العلمية عند جابر بن حيان. وفي هذا الإطار تعارض مع المبدأ الثنائي للمانوية. والتأمل الأفلاطوني في “الموجود” يبدو أن لها تأثيرا هنا أيضا.

5 - وأخيرا، الميزان ترتبط بالاستعارات الشرحية (أو التأويل) للمراجع القرآنية إلى ميزان يوم القيامة.

وهذا التأمل موجود في العرفان والغنوصية الإسلاميبن ( Muslim Gnosis)، واستمد جابر من هذا العرفان ليربط نظامه العلمي بنظامه الديني.

يبدو أن كتابات جابر بن حيان فيها ارتباط بالبيئة الوثنية للحرانيين. ويقتبس أو يُرجع جابر بصراحة إلى الصابئة عندما يعيد صياغة النقاش حول مشاكل ميتافيزيقية معينة. والمصدر المباشر لنظامه العلمي هو كتابات بالينوس (كتاب سر الخلائق)، وغيره من الكتابات المشكوك في صحة مصدرها، ويرجع إليها محمد بن زكريا الرازي على أنها كتبت في عهد المأمون وهي موجودة وتمثل أفضل مصدر لمعرفة “الحرانيين” وآدابهم.

جابر بن حيان يقول أن معارفه نقلت إليه من سيده الإمام جعفر الصادق. كما أن الإمام هو نبع الحكمة وما هو (أي جابر) إلا ناقل. وفي الهيكل الديني، يصنف بعد الإمام مباشرة. ويقول في مرات أخرى أن معلمه هو حربي الحميري، راهب، ورجل يسمى “أذن الحمار”. ومن معاصري جعفر الصادق هم البرامكة خالد، ويحيى، وجعفر وهم الذبن خصص لهم جابر الكثير من كتاباته، وهم أعضاء العائلة الشيعية “يقطين”.

كل هذه المقولات ترجع إلى جملة من الأساطير وتخالف الأدلة المستخرجة من داخل الكتابات الواردة عن جابر بن حيان. ومن جانب آخر، فإن فكرة تلميذ للإمام جعفر اسمه “جابر بن حيان” الموجودة في التراث الشيعي، هي محض اختلاق. والسبب الذي دعا كاتب هذه الكتابات إلى نسبتها إلى تلميذ للإمام جعفر واضح وجلي حيث أن هذا الإمام دائما يرى على أنه يمثل العلم الإغريقي والجانب العلمي السحري في التراث الشيعي. بالإضافة إلى أن الإمام جعفر هو والد الإمام السابع (إسماعيل) والذي ذكر مجيئه في هذه الكتابات.

يقول فهرست ابن النديم أن هناك شيعة في عصره يشككون في مصداقية هذه الكتابات. الفيلسوف والعالم أبو سليمان المنطقي (ت 370هـ/1 - 980م) ترك في “تعليقات” له يذكر فيها أنه يعرف بنفسه كاتب الكتابات المنسوبة إلى جابر بن حيان. ويسميه “حسن بن النكد الموصلي”.

ليس لدينا أي سبب لنشك في صحة هذه المقولة، وحتى لو كنا متأكدين من أن الكتابات المنسوبة إلى جابر لم تكن من تأليف شخص واحد. وفي ظل هذه الحقائق يمكننا القول بأن هذه الكتابات قد مرت بمراحل تطورت فيها إلى أن وصلت في صورتها الحالية. والتاريخ المعتمد عليه لهذه الكتابات هو (330هـ/ 942م).

لا شك أن كتابات جابر بن حيان قد أثرت في تطور الخيمياء العربية اللاحقة. كل الخيميائيين اللاحقين اقتبسوا منها وعلقوا عليها. والكثير من الكتابات ترجمت إلى اللاتينية. والكتاب المنسوب إلى “جبر أو جابر العربي”، لا يمثل إلا الكتابات المتأخرة مثل الراجعة إلى المؤلف اللاتيني من القرن الثالث عشر الميلادي.

::. ترجمة أسعد الوصيبعي

::. [email protected]


(1) لعل المعني هنا هو عز الدين علي بن محمد أيدمر بن علي الجلدكي
(2) فرنسي، وهو أحد مترجمي مصنفات جابر بن حيان Holmyard, E.J. (ed.)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير