تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1) بيّن الشيخ في أول تعقيبه مقصوده بالتبرك بالآثار المكانية فقال: (والمقصود بالتبرك بالأماكن النبوية هو قَصْدُها للصلاة فيها، والدعاء، أو المكث بها)، وقال: (ولكن مقصودنا -أنا وغيري- بالتبرك بالأماكن النبوية هو قصدها للصلاة فيها والدعاء، أو المكث بها)، وهذا التنبيه من الشيخ لم يرد له ذكر في كتابه على هذا النحو، وأحسب أنه يعد لوناً من التراجع أو التوضيح لما في كتابه من إطلاقات لكلمة التبرك دون تقييد لها بما ذُكر هنا، بدءاً بعنوان الكتاب (الآثار النبوية بالمدينة المنورة وجوب المحافظة عليها وجواز التبرك بها) مروراً بكلمات الشيخ وإطلاقاته في أثناء الكتاب، وكان الأولى بالشيخ أن ينص صراحة على هذا الضابط للتبرك بالآثار النبوية المكانية في الكتاب دفعاً للبس، إذ لفظة التبرك -كما لا يخفى- لفظة مجملة يدخل تحتها أنواع وأجناس من الأفعال التي يُتطلب بها بركة الشئ كاللمس والتمسح وغيرها، وتقييد الشيخ هنا للتبرك وفق المعنى المذكور، وقصره على هذه الأنواع الثلاث -الصلاة والدعاء والمكث- دون غيرها، مما يخفف من حجم الخلاف -بحمد الله-، لكنه لا يلغيه بالكلية إذ القول بالتبرك بالأماكن التي لبث بها النبي صلى الله عليه وسلم ولو لبرهة على المعنى المذكور مما يُنازع فيه الشيخ ولا يُسلم له كما سيتضح، بل هو قول لم يقل به أحد من الرعيل الأول.

2) عاد الشيخ للتدليل على قوله بمشروعية التبرك بنفس الأدلة التي استدل بها في كتابه الأصل، فأورد في تعقيبه حديث عتبان، وسلمة، وجابر وغيرها مستدلاً بها على جواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم المكانية، وعذراً إن أعدت بعضاً مما ذكر في مناقشة هذه الأدلة، فإن الشيخ أعاد ذكر أدلته دون أن يورد وجهاً جديداً يحسن التعلق به في تقوية ما ذهب إليه. وجمهور ما ذكره الشيخ من أدلة في كتابه ومقاله هو في الحقيقة خارج عن بحث مسألتنا وعن محل النزاع، وبيان ذلك:

أن الشيخ عبدالعزيز –حفظه الله- يقول بمشروعية التبرك بكل مكان لبث فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بالصلاة، أو الدعاء، أو المكث، سواءً صلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان أو لم يصل، وسواءً قصدها النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة أو لم يقصد، لكن ما أورده من أدلة لا تصحح له هذه الدعوى، فهو حين يستدل يستدل بأحاديث في قصد ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصده من الأماكن للصلاة، وذلك كتحري سلمة رضي الله عنه للصلاة في المكان الذي (يتحراه)! النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، وفرق كبيير بين ما يريد الشيخ تقريره من هذا الحديث، وما يدل عليه ظاهر الحديث، وفرق كبير بين أن يقصد العبد ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم من الأماكن لأداء عبادة من العبادات، وقصد العبد لمكان لم يقصده النبي صلى الله عليه وسلم وإنما وقعت العبادة منه فيه اتفاقاً، فلسنا ننازع الشيخ في مشروعية تحري ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراه من الأماكن أو الأوقات أو الأحوال للصلاة أو الدعاء، إنما المنازعة في تحري ما لم يتحراه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقصده على وجه الخصوص من الأماكن، بل وقعت منه الصلاة مثلاً على وجه الاتفاق في مكان من الأماكن دون أن يكون لذات المكان خصوصية.

وحديث سلمة السابق وإن أورده الشيخ -حفظه الله- كما هو في الصحيحين في بداية المقال بإثبات (تحري) النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة في ذلك المكان، لكن هذا التحري الوارد سقط من نص الأثر في آخر المقال فجاء هكذا: (فسلمة رضي الله عنه تحرّى المكان الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم من روضته الشريفة)، وشتان بين أن يتحرى ما كان يتحراه النبي صلى الله عليه وسلم كما هو نص الأثر، وبين أن يتحرى ما صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير