تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ضوابط للدراسات الفقهية لسلمان العودة]

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[31 - 05 - 03, 02:12 ص]ـ

ضوابط

للدراسات الفقهية

تأليف

فضيلة الشيخ

سلمان بن فهد العودة

المشرف العام على موقع الإسلام اليوم

مقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:18، 19].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70، 71].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

أما بعد:

فإن الله تعالى خلق الخلق: جِنَّهم، وإنسهم؛ لحكمة بينها سبحانه بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]. فهو الخالق، وهو المعبود سبحانه، ومن يملك الخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والضر والنفع هو الذي يملك الأمر والنهي، والحكم، والتحليل والتحريم؛ ولذلك قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ) [الأعراف:54].

ونعى سبحانه على المشركين اعترافهم له بالربوبية، وعدم التزام ما يترتب عليها؛ من الاعتراف بالألوهية والإفراد بالعبادة. جاء ذلك في آيات كثيرة كما في قوله تعالى: (قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لله قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون: 84 - 89] وغيرها.

فالله المتصرف المبدئ المعيد، هو المشرع الذي لا يجوز أن يُشْرَك معه في تشريعه أحد، ولا أن يقبل العباد شرعًا غير شرعه، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله) [الشورى:21]

وقال تعالى: (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف: 26]، وفي بعض القراءات: (وَلا تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) على أنها خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده؛ يتضمن النهي عن الإشراك في الحكم؛ أي: النهي عن قبول حكم غير حكم الله، أو شرع غير شرعه.

وفي القرآن الكريم نجد صورتين متقابلتين متباينتين؟

الأولى: صورة المؤمن المسلِّم لربه، الممتثل لأمره، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا يقف دائمًا بانتظار حكم الله تعالى، أو حكم رسوله، ثم يقول: سمعنا وأطعنا. ففي هذا الصنف يقول تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 51، 52].

ويقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].

والثانية: هي صورة المنافق الذي يعبد هواه ومصلحته، ويتبع ما يوافقهما؛ فإن جاء شرع الله وأمره موافقًا لهواه أخذ به، لا لأنه شرع الله، ولكن لأنه موافق لهواه ومصلحته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير