تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المطلق والمقيد]

ـ[المصلحي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 08:39 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، خاتمِ الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:

فان موضوع ((المطلق والمقيد)) يعتبر مبحثا مهما من فصل الدلالات في علم أصول الفقه، إذ يترتب عليه كثير من الأمور العملية، والتي هي ثمرة هذا العلم.

ومما زاد ذلك تأكيدا أني رأيت الإمام الشاطبي عليه رحمة الله وهو يتكلم عن اعتبار الكلي والجزئي معاً يقول في الموافقات (3/ 183):

فلا يصح إهمال النظر في هذه الأطراف، فان فيها جملة الفقه، ومن عدم الألتفات إليها أخطأ من أخطأ.

وحقيقته: نظر مطلق في مقاصد الشرع، وان تتبع نصوصه مطلقه ومقيده امرٌ واجب. وبذلك يصح تنزيل المسائل على مقتضى قواعد الشريعة، ويحصل منها صور صحيحة الاعتبار. أ. هـ كلامه.

فتوجهت الهمة الى تناول هذا البحث.

وطريقتي في ذلك:

1 - تركت كل قول ضعيف.

2 - لم استغرق الكلام حول تحقيق مذاهب الأصوليين، لقناعتي بان ذلك ليس من الأهمية بقدر تحقيق صحة القول نفسه.

3 - تركت كل مسالة لا يترتب عليها اثر عملي، وذلك لان (كل مسالة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية، أو آداب شرعية،أو لا تكون عونا في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عارية) كما في الموافقات (1/ 37).

4 - لم أتوسع في النقولات كثيرا وإنما اقتصرت على أهمها. وقد أخطا هنا كثيرون حيث ظنوا أن التحقيق هو الإكثار من النقولات والمراجع التي يمكن الاستغناء عنها بذكر بعض أقوال الأئمة المعتد بهم في هذا المضمار، وهذا ليس بصحيح ولا يدل على علم ونباهةٍ، بل هو تسويد للصفحات وتطويل لا غير.

واللهَ اسالُ أن ينفع به كاتبه وقارئه وان يتقبل منا انه هو السميع العليم.

مقدمات لابد منها:

المقدمة الأولى:

المطلق:

لغة:

من أطلق الفرس أي سرحه وخلاه، والطالق من الإبل هي التي طلقت في المرعى، والتي لا قيد عليها، وطلاق النساء يعني حل عقدتها بالتخلية والإرسال. (لسان العرب مادة طلق).

اصطلاحاً:

قال ابن الحاجب: هو ما دل على شائع في جنسه.

قال الرازي في المحصول: هو ما دل على الماهية من غير ان تكون له دلالة على شيء من قيودها.

قال ابن الزملكاني في البرهان: جعل صاحب المحصول المطلق والنكرة سواء، وخطّأ القدماء في حدهم له بما سبق، محتجا بان الوحدة والتعيين قيدان زائدان على الماهية.

قال: ويرد عليه أعلام الأجناس، كأسامة وثعالة، فإنها تدل على الحقيقة، من حيث هي هي، فكان ينبغي ان تكون نكرة.

ورد عليه (أي على ابن الزملكاني) الأصفهاني في شرح المحصول وقال:لم يجعل الإمام المطلق والنكرة سواء بل غاير بينهما، فان المطلق دال على الماهية من حيث هي هي، والنكرة دالة عليها بقيد الوحدة الشائعة.

واما إلزامه علم الجنس فمردود بأنه وضع للماهية الذهنية بقيد الشخص الذهني بخلاف اسم الجنس.

وأما الآمدي وابن الحاجب فقالا:

انه الدال على الماهية بقيد الوحدة الشائعة كالنكرة.

قال في الإحكام: المطلق: النكرة في سياق الإثبات.

وقال ابن الحاجب: المطلق ما دل على شائع في جنسه.

وبنحو ذلك عرف النكرة في كتب النحو.

والداعي له الى ذلك موافقة النحاة في عدم التفرقة بين المطلق والنكرة.

ولا ينبغي ذلك؛

فان النحاة إنما دعاهم الى ذلك هو انه لا غرض لهم في الفرق لاشتراط المطلق والنكرة في صياغة الألفاظ من حيث قبول (ال) وغير ذلك من الأحكام.فلم يحتاجوا الى الفرق، أما الأصوليون والفقهاء فإنهما عندهم حقيقتان مختلفتان.

أما الأصولي فعليه أن يذكر وجه التمييز بينهما، فانا قطعا نفرق بين الدال على الماهية من حيث هي هي، والدال عليها بقيد الوحدة غير معينة. كما نفرق بين الدال عليها بوحدة غير معينةـ وهو النكرةـ ومعينة ـ وهي المعرفة ـ فهي حقائق ثلاث لابد من بيانها.

قال الزركشي:

التحقيق أن المطلق قسمان:

احدهما: أن يقع في الإنشاء، فهذا يدل على نفس الحقيقة من غير تعرض لأمر زائدٍ، وهو معنى قولهم المطلق هو التعرض للذات دون الصفات، لا بالنفي ولا بالإثبات، كقوله تعالى (ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير