[استصحاب الإجماع في محل النزاع حجة]
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 06:56 م]ـ
سئل أحد الطلبة الباحثين في علم أصول الفقه:
السؤال: قال الشنقيطي رحمه الله (المذكرة 122) في استصحاب حال الإجماع في محل النزاع: "والمختار هو الأول في عدم اعتباره لأن محل الوفاق غير محل الخلاف فلا يتناوله بوجه وإنما يوجب استصحاب الإجماع حيث لا يوجد صفة تغيره ولأن الدليل إن كان هو الإجماع فهو محال في محل الخلاف وإن كان غيره فلا مستند إلى الإجماع الذي يزعم أنه يستصحب"ا هـ
ما هو الراجح في حجية استصحاب الإجماع في محل النزاع؟
الجواب: الصحيح أنه حجة والجواب عن الاعتراضات أن دليل المسألة المجمع عليها هو الإجماع ولا دليل معتبر ومؤثر في التفريق بين محل الإجماع والمحل الذي يستصحب فيه الإجماع ومن زعم أن الصورتين مختلفتين في الصفة فليبطل القياس فإن القياس الذي يسمى بنفي الفارق وهو من أقوى أنواع القياس لا ينظر فيه إلى الاختلافات التي لا تعتبر شرعا وكذلك هذا الاستصحاب فإنه لا يلتفت في نقضه إلا لفرق مؤثر شرعا أما المثال المشهور الذي يضربونه في هذا الباب (استصحاب طهارة المتيمم عند رؤية الماء في الصلاة ... ) فهو معيق للفهم وداع إلى إنكار هذا النوع من الاستصحاب وهو في الحقيقة تعارض استصحابين يقدم أقواهما ولا يقول عاقل أن تعارض قياسين أو نصين يؤدي إلى عدم حجية القياس أو النص
.
ـ[وائل النوري]ــــــــ[14 - 09 - 06, 05:46 م]ـ
هذه المسألة من المضايق، ولعل هذا الذي استظهرته وجيه وهو ما ذهب إليه ابن القيم في الإعلام.
والمثال المذكور نوزع من جهتين:
الجهة الأولى: استصحاب عدم الماء، ولا أثر للوجود في استدامته.
الجهة الثانية: استصحاب وجود الماء، واستدامته.
والصحيح اعتبار الدليل الناقل ولا يتمسك بالاستصحاب. قال ابن القيم"فلا يمكن المعترض رفعه إلا أن يقيم دليلا على أن ذلك الوصف الحادث جعله الشارع دليلا على نقل الحكم حينئذ، فيكون معارضا في الدليل".
وجه ذلك:
أولا: عن أبي ذر رضي الله قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك"
فأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - باستعمال الماء ولم يفصل، فدل على الإطلاق فيمن وجد الماء بعد الوقت وقبل خروجه وحال الصلاة وبعدها.
ومثله حديث عمران وفيه قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "اذهب، فأفرغه عليك"
ثانيا: الأصل في الصلاة الطهارة المائية
العمل بالأصل مقدم على البدل عند القدرة عليه.
قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ".
وأدلة الأصل كثيرة.
فلا طهارة تصح بصعيد مع وجود الماء إلا لمن أجازه الشارع، وحديث أبي ذر يدل على ذلك. وانظر القاعدة السابعة في تقرير القواعد (1/ 39 ـ 40)
ثالثا: القدرة على الماء تنقض التيمم
وهذا ظاهر في حديث أبي ذر"فإذا وجدت الماء فأمسه"
قال ابن رشد في البداية (1/ 53): فغير مناسب للشرع أن يوجد شيء واحد لا ينقض الطهارة في الصلاة وينقضها في غير الصلاة. اهـ
فوجود الماء ينقض التيمم ويجب استعماله، ولا فرق بين حال وحال كالأحداث سواء بسواء، ومن فرق فعليه بالدليل.
وانظر المحلى (2/ 172)
رابعا: بطلان الاستمرار في الصلاة كان بسبب شرعي ولا إرادة للمكلف فيه.
وفيه رد على من استدل بقول الله عز وجل"ولا تبطلوا أعمالكم" فهذا متعلق بالإرادة وذاك لم يبطل الصلاة بإرادته، وإنما أبطلها طرو الماء كما لو أحدث.
انظر البداية (1/ 53)
هناك أوجه أخرى يصعب دفعها، وما ذكرته يفي بالغرض.
لذا قال أحمد بن حنبل رحمه الله كما في الروايتين (1/ 41): كنت أقول يمضي في صلاته ثم تدبرت، فإذا أكثر الأحاديث على أنه يخرج. اهـ
حقا يا إلكيا الهراسي: إذا جالت فرسان الأحاديث في ميادين الكفاح، طارت رؤوس المقاييس في مهب الرياح.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - 09 - 06, 08:33 م]ـ
السؤال: قال الشنقيطي رحمه الله ....
الشنقيطي مسبوق بهذا الكلام عند غيره كالزركشي في البحر.
الجواب: الصحيح أنه حجة والجواب عن الاعتراضات أن دليل المسألة المجمع عليها هو الإجماع ولا دليل معتبر ومؤثر في التفريق بين محل الإجماع والمحل الذي يستصحب فيه الإجماع ومن زعم أن الصورتين مختلفتين في الصفة فليبطل القياس فإن القياس الذي يسمى بنفي الفارق وهو من أقوى أنواع القياس لا ينظر فيه إلى الاختلافات التي لا تعتبر شرعا وكذلك هذا الاستصحاب فإنه لا يلتفت في نقضه إلا لفرق مؤثر شرعا
هذا كلام فيه نظر واضح؛ لأن هذا القائل إن كان يعني أن هذه الحجة من باب القياس، فإن الذي احتج بها لم يسمها قياسا، فكيف يدعي عليه أنه قد احتج بشيء لم يذكره؟!
وإن كان يعني أن هذه الحجة إجماع، فهي ليست إجماعا اتفاقا.
وإن كان يريد أن الصواب فيها أنها تدخل في باب القياس، فنقول: الإجماع إما أن يكون على صورة من الصور لا يتعداها أو على معنى من المعاني، فإن كان على صورة من الصور فلا يصح القياس فيها؛ لأنه يكون كالأمر غير المعقول المعنى، وإن كان على معنى من المعاني فهذا يشبه الإجماع على علة من العلل، فيكون الاستناد حينئذ إلى ثبوت هذه العلة في الفرد المختلف فيه، فيكون الاستدلال حينئذ بالإجماع وليس باستصحابه.
وأما ما ذكره من نفي الفارق المؤثر فهذا يشبه الاستدلال بالمسألة المتنازع عليها؛ لأنهم لو اتفقوا على أنه لا فرق بين الصورتين لما اختلفوا في حكمهما.
فللمخالف أن يقول: لا أسلم أنه لا يوجد فرق مؤثر بينهما، فلا يصح الاستدلال.
¥