[إناطة الحكم بالحكمة دون العلة]
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[13 - 09 - 04, 11:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،،
فمعلوم لمن درس في الأصول تفريق الأصوليين بين العلة و الحكمة، و أن الحكمة ما هي إلا مظنة للحكمة ووضعت لضبطها، وأن مناط الأحكام هي العلل لا الحكم ... إلخ
و لكن،،
هل يمكن جعل الحكم منوطا بالحكمة دون العلة لو تحقق لنا تخلف الحكمة عن العلة في صورة هذا الحكم بعينه؟
و لو قيل / تخلف الحكمة عن العلة و إن كان متصورا عقلا إلا أنه غير واقع حسا، فيمكننا تدارس المسألة بتطبيقها على بعض الفروع، فهي ـ في نظري خاصة ـ مرتبطة ارتباطا وثيقا بإجازة الحنفية للربا و القمار في دار الحرب كما هو منصوص في كتبهم و مشهور ....
و بارك الله تعالى فيكم
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 09 - 04, 11:23 م]ـ
أخي الحبيب / محمد بن رشيد.
الحكمة يجوز ان تكون (علة) الحكم أذا كانت منظبطة.
لكن لايمكن ان تجتمع حكمة مع علة (قياسية)، أبدا.
إذ انه اذا وجدت العلة صارت هي مناط القياس دون الحكمة.
ومن المعلوم ان من شروط العلة أن تكون (مناسبة) أي مناسبة لمحل الحكم.
فيظهر اثر ارتباط بين الحكم وبين الحكمة من هذه الجهة فقط.
و لكن بحثكم هذا أظنه ينبغى ان يكون حول المقاصد أذ ان المقاصد اقرب الى نوعه كما يظهر من تمثيلكم للقمار والربا في دار الحرب.
وهذا ظاهر من صنيع الحنفيه. وقد يجوز استعمال مسائل العلة عند من قال بكراهية الاخذ مع الحربي وهو
قول المالكية و رواية عن الحنابلة.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 - 09 - 04, 07:01 م]ـ
زادكم الله تعالى علما و بركة أخي زياد
و كلامكم وجيه .. و لكن ظني أن إطلاقه يحتاج إلى تقييد
فقولكم (لكن لايمكن ان تجتمع حكمة مع علة (قياسية)، أبدا.) يلزم تقييده بحيثية إناطة الحكم، و إلا فوجود العلة مع الحكمة متحقق، و لكن امتنع إناطة الحكم بالحكمة لعدم انضباطها، فكانت العلة هي الضابط و هي المظنة للحكمة، و لا يخفى وجود الشيء بوجود مظنته
ــــــــــــــــــــــــ
ثم ما هي العلاقة بين الحكمة و مقصد الشرع، هل هي التطابق أم العموم و الخصوص؟ أم أن المقصد يكون كليا و الحكمة جزئية؟
ـــــــــــــــــــــــــ
ماذا ترون في تعليل حرمة الربا؟
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[15 - 09 - 04, 09:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب / محمد بن رشيد.
نعم أخي المقصود هو من جهة اناطة الحكم ولعلكم تذكرون أشهر مثال في أصول الفقه لانه ذكر في جميع الكتب الاصولية تقريبا.
وهو مثال القصر (فالحكمة هي المشقة، والعلة هي السفر) فأنيط الحكم وهو القصر بالسفر لعدم انضباط الحكمة وهي المشقة. مع إمكان وجود الامرين الحكمة والعلة.
* أما فيما يتعلق بالعلاقة بين الحكمة ومقاصد الشرع، فهذه و أختها مسألة العلاقة بين العلة (القياسية) و مقاصد الشرع.
من أدق مباحث علم المقاصد وأجلها، لخفائه وعظيم ثمرته.
إذ انه من أهم وسائل الكشف عن المقاصد واستنباطها وهو أخو الاستقراء في ذلك بل هما عمدة هذا الامر.
وسوف تنجاوز مسألة الكلام على العلة وعلاقتها بالمقاصد رغم اهيمتها، ونتطرق الى الحكمة وعلاقتها بالمقاصد.
لكن ينبغى ان يعلم التلازم الشديد بين الحكمة وبين العلة من جهة الاثر، ولهذا فكما تعرف فأن من شروط العلة ان تكون (مناسبة) للحكم، وهذه المناسبة لاتشترط للحكمة لانها هي عينها.
وللشاطبي اشارة الى هذا الباب في الموافقات، وللطاهر بين عاشور كذلك اشارات لطيفة مثل ما في صفحة 371 من طبعة دار النفائس فليراجع.
والحكمة اذا جامعت العلة بانضباطها صارت مقصدا اصليا للشارع لكنة جزئي في عين الحكم فاذا تواردت حكم مشابهه في أحكام مختلفة دل هذا على ان هذه الحكمة كلية.
فمثلا وجدنا الشارع قد شرع القصر في السفر، وشرع الفطر فيه، ورخص في المسح ثلاثة أيام.
فهذه الحكم الجزئية مختلفة الهيئات، فهي مابين إسقاط و ابدال و توسعة في الزمن، لكنها مآلها الى التخفيف، فدل على ان من مقصود الشارع التخفيف في السفر مطلقا.
وهذا المقصد - التخفيف في السفر - (جزئي من جهة لوقوعه داخل مقصد كلي هو رفع الحرج) وكلي من جهة كون التخفيف في السفر مقصد عام تدخل تحته جزئيات وفيه الحكم الخاصة.
ومثل هذا المقصد نافع للترجيح بين الاقوال المتعرضة كمسألة هل تشرع سنن رواتب في السفر، والى هذا جاءت الاشارة من ابن عمر رضى الله عنه.
وأيضا قد يقال ان العلاقة بينهما علاقة عموم وخصوص (مطلق) فالمقاصد تدخل تحتها حكم كما في مسألة اجتماع الحكم في السفر.
فيصبح مقصد التخفيف حال المشقة عام مطلق من أفراده التخفيف في السفر.
فيتبين لنا ان الحكمة هي مقصد خاص في الحكم، فأذا اجتمعت هذه الحكم ودلت على مقصود عام صار هذا المقصد العام (مقصدا شرعيا كليا).
هذه هي العلاقة الظاهرة بين الحكمة والمقاصد. وهي من أهم وسائل استنباط مقاصد الشرعية و من أدق مسالكه. وهي أيضا كما ترى من الصق العلائق وأشدها وثوقا.
¥