تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحرفية النصية و قواعد التشريع]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 - 08 - 04, 09:56 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد،،

فمن خلال خلطتي لطلبة العلم تبين لي أن كثيرا من طلبة العلم ما زالوا لا يفهمون نظرية عدم الالتزم بالحرفية النصية للنصوص الواردة في شرعنا الحكيم ...

فنحن طلبة العلم المعاصرون تكاد تغلب علينا الظاهرية في التعامل مع النصوص، مما يؤدي إلى كثير من التعارضات التي يقع فيها الطالب، فيضطر إلى سبيل الجمع بين (ظواهر النصوص) مجبرا لا مختارا وهو في كل ذلك يتعامل مع مجرد الظواهر، فتسمع منه المضحكات المبكيات في طرق الجمع ... كل ذلك لأن معظم أو كثير من طلبة العلم اليوم لم يتنبهوا إلى وجهة الشرع الشريف في ترسيخ ما أنزله الله تعالى على عباده، و إلى ما رسخه الشرع الشريف من المقاصد و القواعد العامة المحكمة التي هي الأصل، و ما النصوص الشرعية الفرعية إلا خادمة لها و فرع عليها، فهذه الأصول هي الحاكمة و هذه النصوص الفرعية هي المحكومة ...

و هذا تماما ما أقصد التنبيه عليه، و لفت النظر إليه ...

فالآفة فينا نحن الطلبة المعاصرون هي أننا أخذنا هوس دراسة تحقيق الآثار و إظهارها، و هذا في حد ذاته عمل مشكور ـ رضي الله تعالى عمن يعمله ــ

و لكن هذا الطالب المعاصر الذي اشتغل بهذا الاتجاه لم يجد القناعة بداخله أن يقف عند حده، و أن حد علمه هو (صحيح و ضعيف)، فهو لم يدرس الفروع و لا الأصول ــ من أصول فقه و قواعد فقهية ــ و لم يدرس مقاصد التشريع و لا قواعد المصلحة في الشريعة الإسلامية .... و إن سمع عن هذه القواعد فلا يدري ما الهدف من دراستها، و لا يدري أن دراستها هي من قبيل دراسة الأصول التي تحكم النصوص الفرعية؛ بل نجده يدرسها فقط على أنها نتائج تبلورت من نتاج تجمع الفروع، و لا يدري أن هذه القواعد بعد تبلورها و التيقن منها و توثيقها تحولت هي قاضية على الفروع فيلحق الشبيه بالشبيه و النظير بالنظير أو كما قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في كتابه لأبي موسى الأشعري ....

فعلى ذلك نجد هذا الدارس لعلم التحقيق يتسرع للإفتاء على حسب ما يظهر له من النصوص دون إرسائها على قواعدها، و حين أسأل هذا الطالب عن مذهبه الفقهي أجده يقول (مذهب أهل الحديث)، وحين أسأله عن اتجاهه الأصولي يقول (أصول أهل الحديث)

و لا أدري ما مذهب أهل الحديث عنده!

ولا أدري ما طريقة أهل الحديث عنده!

قال لي أحدهم منذ عام تقريبا ــ وهو ينسب للحنابلة و يدرس بمعهد العزيز بالله حيث يدرس منتهى الإرادات للبهوتي رضي الله عنه ــ / إن مذهبكم الحنفي مبني على سبعة عشر حديثا فقط!!!!

قلت له / من قال لك هذا؟!!

أظنه قال / الشيخ أبو إسحاق الحويني

قلت له / مستحيل أن يقول الحويني هذا، و أنا أقطع به ...

ثم قلت له: هل تعرف (نصب الراية للزيلعي) الذي هو مرجع المحدثين؟

قال لي: لا .. !!

ناقشت نفس هذا الأخ يوما في نظرية عامة، و هي أن كثيرا ما يظن ـ في نظره ـ أن الحديث قطعي، و مع ذلك يجد اختلاف العلماء فيه، و ضربت له مثالا فقلت له / حديث (لا نكاح إلا بولي) هو قطعي عندك في بطلان النكاح؟

قال: نعم

قلت: لماذا؟

قال: هو واضح (لا نكاح إلا بولي)

قلت: و لماذا خصصت النهي بالبطلان مع كونه يحتمل الحرمة و هي أعم من البطلان؟ .. فأنت تعطي المال لولدك و تقول / ((لا شراء إلا بإذني)) فإذا اشترى الطفل بالمال فأنت تعاقبه على الشراء مع إقرارك لهذا الشراء، بل قد يعجبك البيع بعد ذلك فتفرح به و تصالح طفلك، و لكنك عاقبته فقط لعدم امتثاله الأمر،،

و لو كان حديث (لا نكاح إلا بولي) قطعي الدلالة لوجدنا الإنكار على أبي حنيفة في الاستدلال به و هذا لم نجده، بل وجدنا نقاش العلماء في هذه المسألة هادئا جدا و في إطار مسائل الخلاف التي لا إنكار فيها

فثار هذا الأخ و ارتفع صوته في الطريق و أخذ يهتف / لا .. الحديث واضح جدا جدا .. لا نكاح إلا بولي ..

فما وجدت إلا السكوت

ولكني كنت أتساءل / لماذا يصعب فهم هذه النقطة على كثير من الطلبة المعاصرين ممن يدرسون علم التحقيق و التخريج؟ ولا نجدها تخفى على كثير من غيرهم ممن يدرسون الفقه المذهبي و أصوله؟

فكان الجواب ما ذكرت لكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير