تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[(ليس من أصول الفقه محاولة تطبيقية على كتاب المستصفى للغزالي) للنقاش ..]

ـ[أبوحاتم]ــــــــ[05 - 06 - 03, 07:39 م]ـ

هل هناك مباحث في أصول الفقه الكلام فيها أو الانشغال بها أو وجودها مطلقا ليس له علاقة بعلم الأصول ... ؟

قبل الإجابة على هذا التساؤل لا بد من التنبيه على أمر مهم ألا وهو أهمية تحديد مفهوم أصول الفقه حدا وموضوعا بمعرفة هذين الأمرين نستطيع الإجابة الوافية وذلك بعد معرفة الضوابط التي يمكن

أن نحدد بها هذا العلم ومجاله الذي يبحث فيه إذ لا يوجد علم إلا وله موضوع خاص يبحث فيه بموجب هذا التحديد نستطيع معرفة ما إذا كانت هذه المسألة من علم أصول الفقه أم لا؟

نزيد الأمر بيانا ووضوحا فنقول:

مما يبين أهمية هذا البحث تنقية هذا العلم وتخليصه مما علق به ودنسه من المسائل الكلامية سواء من المعتزلة أو الأشاعرة التي غالبا ما يذكرونها إما على سبيل الرد والنقاش الذي غالبا ما ينتهي إلى جدل محض لا فائدة فيه وإما على سبيل التقرير والتقعيد لأن الانقطاع عن المألوف من الصعوبة بمكان والعالم المتخصص في أي فن من الفنون إذا كتب في فن آخر فلا بد أن يظهر أثر علمه عليه وهذا واضح جدا في كتب التفسير خاصة.

كما نقل ابن بدران بقوله: كل من غلب عليه علم وألفه مزج به سائر علومه يعرف ذلك باستقراء تصانيف الناس.

وهذا بعينه ما حصل للأصوليين فعندما غلب عليهم علم المنطق

أو علم الكلام والتبحر فيه جعلوه مادة في أي علم يدخلون فيه بل جعلوه شرطا في فهم الأصول خاصة وغيره من العلوم كما فعل الغزالي رحمه الله!!

وتأمل معي هذا النقل من الغزالي رحمه الله من كتابه المستصفى وهو يعترف فيه صراحة بأن علم الكلام دخيل على أصول الفقه يقول:

وذلك – أي علم الكلام - مجاوزة لحد هذا العلم – أي علم الأصول - وخلط له بالكلام وإنما أكثر فيه المتكلمون من الأصوليين لغلبة الكلام على طبائعهم فحملهم حب صناعتهم على خلطه بهذه الصنعة كما حمل حب اللغة والنحو بعض الأصوليين على مزج جملة من النحو بالأصول فذكروا فيه من معاني الحروف ومعاني الإعراب جملا هي من علم النحو خاصة ........... ويقول أيضا:

وبعد أن عرفناك إسرافهم في هذا الخلط فإنا لا نرى أن نخلي هذا المجموع عن شيء منه لأن الفطام عن المألوف شديد والنفوس عن الغريب نافرة لكنا نقتصر من ذلك على ما تظهر فائدته على العموم في جملة العلوم ............ يصرح ويقول:

وليست هذه المقدمة من جملة علم الأصول ولا من مقدماته الخاصة به بل هي مقدمة العلوم كلها ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بعلومه أصلا فمن شاء أن لا يكتب هذه المقدمة فليبدأ بالكتاب من القطب الأول فإن ذلك هو أول أصول الفقه ... انتهى ملخصا.

الغزالي هنا ربما وقع له شئ من التناقض في هذه المواطن لكن الفائدة المهمة التي نجنيها ونستفيدها من هذا العالم المتخصص في هذا الفن هي أن هذا العلم مد خول فيه قطعا.

هذه البداية بحد ذاتها من الغزالي محمودة بغض النظر عن قصورها وعن ما وقع من الغزالي نفسه تجاه الأصول.

انظر إليه وهو يقول بصراحة ووضوح: ونحن الآن مقتصرون على حد "الحد" وحد "العلم" وحد "الواجب" لأن هذا النمط من الكلام دخيل في علم الأصول فلا يليق فيه الاستقصاء.انتهى

وهذا يلزم منه أيضا أن يكون علم المنطق بكامله دخيل على هذا العلم فلا يلتفت له في التعاريف التي سببت جدلا عقيما في كتب الأصوليين تجد الصفحات تلو الصفحات هل هذا التعريف جامعا مانعا أم لا؟

كما نجد الغزالي نفسه يعترف بصعوبة الحد المانع الجامع!!!

وبهذا نستطيع أن نقول إن الغزالي قد حصل له شئ من الإطراب، ويرد على نفسه في هذا المقام.

تتميما لما يمكن أن نسميه: "مشروع الغزالي في تنقية الأصول" نتجاوز المقدمة المنطقية قليلا لنفذ إلى الكتاب فإن الغزالي رحمه الله يقول: فمن شاء أن لا يكتب هذه المقدمة فليبدأ بالكتاب من القطب الأول فإن ذلك هو أول أصول الفقه.

طوعا لك يا أبا حامد لنبدأ في أصول الفقه ..... نجد الغزالي رحمه الله يقول: القطب الأول في الثمرة وهي الحكم والكلام فيه ينقسم إلى فنون أربعة فن في حقيقة الحكم وفن في أقسامه وفن في أركانه وفن فيما يظهره.

قد يقال: أن هذا القطب بكامله ليس من أصول الفقه.

ومن تأمل الموضوعات التي تناولها الغزالي في هذا القطب وربطها بفائدة الأصول عرف أن وجودها ووجود غيرها من المسائل نحوها عارية في هذا العلم الشريف.

ولعلنا نحاكم الغزالي إلى كلامه السابق فهو يقول: القطب الأول في الثمرة وهي الحكم.

ونجده أيضا يقول أن أصول الفقه هو: عبارة عن أدلة هذه الأحكام وعن معرفة وجوه دلالتها على الأحكام من حيث الجملة لا من حيث التفصيل.

فهل الحكم وما يتعلق به من المسائل داخل في التعريف أم لا؟

عند الغزالي نفسه قد لا يدخل في حد الأصول لأنه هو وأمثاله يردون التعريف بالثمرة ..

لذلك ناقش الآمدي هذه المسألة وخلص فيها إلى أن الحكم لا يدخل في موضوعات أصول الفقه.

لهذا أعود وأقول: نحتاج إلى تحديد ومعرفة موضوعات أصول الفقه بضوابط علمية محكمة، وبأدلة قوية ناصعة.

وهنا أنقل كلمة للإمام الشاطبي – رحمه الله – لعلها تضيئ الطريق في تطبيق

ما ندعوا إليه يقول في المقدمة الرابعة: كل مسألة موسومة في أصول الفقه لا يبتني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عوناً في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية. انتهى

نكتفي بهذا القدر في متابعة الغزالي في كتابه المستصفى نستكمل بقية المباحث التي عرضها في القطب الثاني والثالث والرابع بحول الله.

على أننا معلنين الرجوع عن ما بدر منا من مجاوزات في هذه المحاولة ونقول كما أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله من أهدى إليّ عيوبي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير