تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إشكال على انتقاد الألباني لمقولة: القرآن ثم السنة]

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 11 - 03, 08:54 ص]ـ

يقول الألباني رحمه الله بتصرف، إن من الأغلاط المنكرة أن نقول نأخذ الحكم أو نفسر القرآن بالقرآن فإن لم نجد بالسنة، وهذه عبارة شائعة و يقولها كبار من العلماء معتمدين على حديث رسول الله لمعاذ يوم أن أرسله فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم (بم تقضي؟ قال: بما في كتاب اللَّه قال: فإن لم تجد؟ قال: بما في سنة رسول اللَّه قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: الحمد للَّه الذي وفق رسول اللَّه لما يحب رسول اللَّه)، و قال الألباني هذا الحديث منكر.

و يضرب مثلاً فيقول: لو جئنا نفسر قوله تعالى (حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير) فإننا سنحرم كل الميتة بينما في السنة النبوية يقول صلى الله عليه وسلم (أحل لنا ميتتان و دمان) و الميتتان هما السمك و الجراد و الدمان هما الكبد و الطحال.

ففسرنا القرآن بالقرآن و السنة وليس بالقرآن ثم السنة.

واستدل بقوله صلى الله عليه و سلم (إلا إني أوتيت القرآن و مثله معه)

فتنبه أن تقول هذه العبارة.

لكن الإشكال هو أنه قد ورد هذا الترتيب الوارد في الحديث عن ائمة الفتوى من الصحابة وهما ابن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما بأسانيد صحيحة وتراجع في كتاب الخطيب البغدادي الفقيه والمتفقه.

ما قول الإخوة؟

ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[02 - 11 - 03, 11:08 ص]ـ

جزيت خيراً ....

وقد كنت أفكر في هذه المسألة منذ زمن، وقد خلصتُ إلى مايلي، وهو لا يعدو كونه رأياً، والله الهادي إلى سواء السبيل ...

التسوية بين القرآن والسنة بإطلاق فيه ما فيه!

لا تحطّطاً من حجية أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، حاشا وكلا ...

وإنما لأن "الكتاب" هو أصلُ هذه الشرعة، وهو مما يقطع بثبوت لفظه نقلاً، بخلاف كثير من السنن فإن رواية الأخبار يعتريها النقل بالمعنى، فضلاً عن ما يحيط بذلك من إدراج ونحوه، وقد جعل الله لكل شيءٍ قدرا.

والذين قالوا بالنظر في القرآن أولا، ثم في السنة، لا يقصدون معارضة هذه بذاك، وليست حجتهم مجرد حديث معاذ، بل هذا تنهيجٌ للنظر في الأحكام، بحيث يعرف ترتيب الأدلة، ومعلومٌ أنه يرد على السنة ما لا يرد على القرآن، وهذا ما لا يستريب فيه من عالج الخلافيات، والنصوص الواردة بشأنها.

قال ابن تيمية: (كتب عمر إلى شريح: " اقض بما فى كتاب الله، فان لم تجد فبما فى سنة رسول الله، فان لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك" وفي رواية "فبما أجمع عليه الناس".

وعمر قدم الكتاب ثم السنة، وكذلك بن مسعود قال مثل ما قال. ..... وكذلك ابن عباس كان يفتى بما فى الكتاب ثم بما فى السنة ثم بسنة أبي بكر وعمر، لقوله (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)، وهذه الآثار ثابتة عن عمر وبن مسعود وبن عباس وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء وهذا هو الصواب.) اهـ

إلى أن قال: (وهم إنما كانوا يقضون بالكتاب اولاً، لأن السنة لا تنسخ الكتاب، فلا يكون فى القرآن شيء منسوخ بالسنة، بل إن كان فيه منسوخ كان فى القرآن ناسخه، فلا يقدم غير القرآن عليه. ثم إذا لم يجد ذلك طلبه فى السنة ولا يكون فى السنة شيء منسوخ إلا والسنة نسخته لا ينسخ السنة اجماع ولا غيره ولا تعارض السنة باجماع واكثر الفاظ الآثار فان لم يجد فالطالب قد لا يجد مطلوبه في السنة مع انه فيها وكذلك في القرآن فيجوز له إذا لم يجده فى القرآن أن يطلبه فى السنة واذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضا لما فى القرآن وكذلك الاجماع الصحيح لا يعارض كتابا ولا سنة) اهـ كلام ابن تيمية (19/ 202).

وهذا بالطبع لا يعني التشكيك في أصل السنة، أو الاحتجاج بها، كما يزعم بعض المتعقلنة، إذ القرآن والسنة مصدران متظاهران، لا يتعارضان تعارضاً حقيقياً، بل يصدِّق أحدهما الآخر، واتباعُ السنةِ إعمالٌ لنص القرآن، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله). وهذا ـ بداهةً ـ بعد أن يثبت كونُ الأمرِ سنةً، أما لو تطرَّق إليه الضعفُ بوجهٍ، فلا عبرةَ به حينئذٍ، فضلاً عن أن يُعارَضَ به نصٌّ من كتاب الله تعالى.

ويبدو لي أن الحامل لبعض الغيورين على التسوية بين الكتاب والسنة تسويةً تامة؛ ما وقع لطائفةٍ من المُحْدَثين، ممن جادلوا بالباطل، ليُدحضوا به طرفاً من سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، زاعمين أنها تخالف القرآن، وما هي بمخالِفة، إذ لا يعدو أن يكون ما يذكرونه؛ تخصيصاً لعموم آية، أو تقييداً لمطلقها، أو أن تكون السنة مبتدئةً حكماً سكت عنه القرآن. وفي هذه الأحوال وأمثالها؛ لا يصحُّ أن يقال بالتعارض أصلاً.

وليس تعظيمُ القرآن الكريم موكولاً إلى العقل البشري المجرَّد، يستبدُّ بتنزيله كيفما اتفق، وإلا فإن في التأريخ الإسلامي نماذج من الشذوذ الفقهي، والانحراف العقدي، كان مثارُ الغلطِ فيه الجهلُ بهذا الأصل، قال أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن فرقة الخوارج: (وأصلُ مذهبهم تعظيمُ القرآن، وطلبُ اتِّباعِه، ولكن خرجوا عن السنة والجماعة، فهم لا يرون اتباع السنة التي يظنون أنها تخالف القرآن؛ كالرجم، ونصاب السرقة، وغير ذلك، فضلُّوا) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (13/ 208). اهـ.

ومن هاهنا زلَّت قدمُ بعض المعاصرين، وأخلاطٍ من المُحْدَثين ممن ينتسبُ إلى الثقافة، زعموا أنهم معظمون لكتاب الله، وأنهم يذودون عنه (ركاماً من الأحاديث الضعيفة، ملأ آفاقَ الثقافة الإسلامية بالغيوم، وركاماً مثله من الأحاديث التي صحَّت، وسطا التحريف على معناها، أو لابسها كل ذلك، جعلها تنبو عن دلالات القرآن القريبة والبعيدة) السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، لمحمد الغزالي (143)، دار الشروق، القاهرة، ط الحادية عشرة، 1996م.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير