تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ج - أن المعارضة هنا ليست بين النصوص والمصالح، بل بين النصوص والنصوص، إذ من السنة إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -.

د - ما ذكر من الآثار ما هي إلا اختلاف في الأفهام، واجتهادات الصحابة منها ما أقروا عليها، ومنها ما لم يقروا عليها، وقول الصحابي إذا خالف النص فلا عبرة به، وهذه المعارضة التي سلكها الصحابة رضوان الله عليهم لم تكن

من قبيل النظر في المصلحة المجردة عن الدليل، بل إنهم يستندون في ذلك إلى أدلة أخرى، فهذا اجتهاد في النصوص.

تنبيه:

الطوفي بنى رأيه على فرض تضمن بعض النصوص ضررا يعارض مصلحة راجحة، وهذا خطأ وباطل، وعليه فتقديم المصلحة على النص والإجماع محال غير متصور الوقوع، فإن فرض مخالفة المصلحة للكتاب والسنة والإجماع مجرد فرض لا واقع له، ويشهد لذلك أنه لم يقدم لما فرضه مثالا واحدا من الواقع، والأعجب من هذا أن الطوفي نفسه قد مهد لبيان كون هذا محالا إذ ساق الأدلة على أن كتاب الله جاء مهتما بمصالح الخلق متضمنا لها واستدل لذلك بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (1) {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (2)، وذكر سبعة وجوه لدلالتها على ذلك (3).

3 - أدلة الجماهير:

الدليل الأول: أن النصوص الشرعية قد اشتملت على المصالح الراجحة فلا يحتمل أن تعارض المصلحة مطلقا.

الدليل الثاني: لو فتح باب تغيير الأحكام الثابتة بالنصوص استنادا للمصالح، لكان في ذلك اندراس معالم الدين بالكلية، فهذا القول يفتح مجال العبث واللعب بأدلة الشريعة وأحكامها، بحجة المصلحة بل قد يبيح الزنا وبعض المعاملات الربوية وبعض المسكرات، وتوضع القوانين البشرية وتوجد المحرمات ويحارب شرع الله بحجة المصلحة المزعومة، أعاذ الله الأمة الإسلامية من ذلك (1).

الدليل الثالث: أن النصوص مراعية للمصالح بالإجماع، فلا سبيل لتعارض المصالح مع النصوص.

الدليل الرابع: أن العلماء مجمعون من العصور الأولى إلى عصر الطوفي على أن العبرة بالنصوص، ولا يلتفت لما يتوهم كونه مصلحة ما دامت معارضة للنصوص.

الدليل الخامس: قوله تعالى: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (2) فقد أثبت مصالح في الخمر والميسر ومع ذلك فهما محرمان بالاتفاق لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3).


(1) أصول الفقه وابن تيمية، ص (464).

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 11 - 07, 04:16 م]ـ
ضوابط الفتوى في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح
إعداد الدكتور
عبد الوهاب بن لطف الديليمي

وقد ظهر من ينادي بتقديم المصلحة مطلقاً حتى على النص والإجماع عند معارضتها لهما، وقد تولى أهل العلم الرد على مزاعمه، وبيان تهافتها وبطلانها، ويحسن هنا أن أنقل نص عبارة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) في الرد على الطوفي (1) الذي كان أول من ينادي بذلك، حيث يقول: "فهذا الإجماع الذي بدأ منذ عصر الصحابة، لم يزل ساري المفعول لدى مختلف طبقات الأئمة والعلماء على اختلاف آرائهم واجتهاداتهم، إلى أوائل النصف الثاني من القرن السابع الهجري، حيث ظهر في هذه الفترة رجل من علماء الحنابلة اسمه سليمان بن عبد القوي الطوفي … وما لبث أن نادى في بعض مؤلفاته بضرورة تقديم المصلحة مطلقاً على النص والإجماع عند معارضتها لهما.
فقد ألف كتاباً في شرح الأربعين حديثاً، وأفاض في الكلام عند شرحه لحديث ((لا ضرر ولا ضرار)) وبعد أن بين فيه أن يقتضي رعاية المصالح إثباتاً، والمفاسد نفياً، وجعل أدلة الشرع في حسابه تسعة عشر دليلاً، قال ما نصه:
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير