تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويطلعهم على عوراتنا بالسارق من حيث إن ذلك يقتضي التصرف في علائق غيب لا يهتدى إليه فانعدم طريق القياس. فامتنع القياس من حيث إن الذي يكاتب الكفار وإن زاد ضرر فعله على ضرر السارق الواحد فهو بالإضافة إلى سارق واحد، أما بالإضافة إلى الجنس فلا من حيث إن السرقة مما يتشوف إليها الرعاع بخلاف مكاتبة المسلم فإنها لا تكاد توجد، أو لا يظهر استواء السبب، فكل ما كان من هذا الجنس فلا يجري فيه القياس لفقد الشرط. تنبيهات الأول: أشار الغزالي رحمه الله إلى أن الجاري في الحدود والكفارات ليس قياسا بل هو تنقيح المناط وكذلك في الأسباب، ونازعه العبدري في الأسباب، وقال: هي تخريج، لا تنقيح. الثاني: قال بعضهم: المراد بجريانه في الحدود زيادة عقوبة في الحد، لوجود علة تقتضي الزيادة، كزيادة التعزير في حق الشرب وتبليغه إلى ثمانين، قياسا على حد القذف. أما إنشاء حد بالقياس على حد فلا يجوز بالاتفاق. الثالث: ذكر في " المحصول " تبعا للشيخ في " اللمع " أن العادات لا يجوز القياس فيها ومثله بأقل الحيض وأكثره، وهذا مخالف لتمثيل الماوردي رحمه الله السابق، لأنه مثل به للمقادير وقد خطأ من قاس في العبادات بأن هذه أمر وجودي، فإما أن يكون القياس لإثبات ذلك الموجود في محل آخر ففاسد، لأن الأمور الوجودية لا تطرد على نظام واحد، لأنه ليس حكما شرعيا حينئذ، وإما أن يكون لإثبات الحكم: فإن كانت العادة موجودة في هذا الفرع أثبتنا الحكم فيها فلا حاجة إلى الأصل لأنه مساو للفرع حينئذ في سبب الحكم، وإن لم يبين وجوده فالحكم مثبت لانتفاء علته. الرابع: أن سبب وضع هذه المسألة فيما ذكره ابن المنير أن أبا حنيفة قد اشتهر عنه القول بالقياس والإقبال على الرأي والتقليل من التوقيف والأحاديث، فتبرأ أصحابه من ذلك فأظهروا أنهم امتنعوا من الرأي والقياس في كثير من القواعد التي قاس فيها أصحاب الحديث. قلت: وكذلك منعهم من التعليل بالعلة القاصرة فهم يدعون أنا أقول بالقياس منهم. الخامس: سبق أن أبا حنيفة منع القياس في الكفارات ثم أوجب الكفارة على المفطر بغير الجماع، والشافعي مع أنه حكي عنه جواز القياس فيها فإنه لا يوجب الكفارة في غير الوقاع. ولهذا قال بعض الفقهاء: ما أجدر كلا من الإمامين أن ينتحل في هذه المسألة مذهب صاحبه، يعني: أن قياس القول بالقياس في الكفارات عدم تخصيصها بالوقاع دون سائر المفطرات، وقياس عدم القياس عدم إيجاب الكفارة في غير الوقاع. وهذا القول جهل بمدارك الأئمة، فإنهم وإن أثبتوا بالحديث المأمور به بالكفارة بمطلق الإفطار فهذا المطلق هو المقيد بالجماع، وقد يمكن أن يبنى الخلاف في القياس في الكفارات على أنه هل يجب على المجتهد البحث عن كل مسألة هل يجري القياس فيها أم لا؟ وهل قام الدليل على أن أدلة القياس عامة بالنسبة إلى آحاد المسائل؟ وأن العلة الجامعة بين الأصل والفرع في صورة الخلاف الخاصة صحيحة معتبرة في نظر الشرع وخلية عن الاعتبار؟ وقد أشار ابن السمعاني إلى هذا البناء المذكور.

مسألة قال في " المحصول: مذهب الشافعي جواز القياس في الرخص، وهو ظاهر كلام ابن السمعاني فيما سبق. وليس كذلك، فقد نص الشافعي في " البويطي " على امتناع القياس، فقال في أوائله: لا يتعدى بالرخصة مواضعها وقال في " الأم ": لا يقاس عليه. وكذلك إن حرم جملة وأحل بعضها. وكذلك إن فرض شيئا رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف في بعضه. ثم قال: وما كان له حكم منصوص ثم كانت لرسوله سنة بتخفيف في بعض الفرض دون بعض عمل بالرخصة فيما رخص فيه دون ما سواها ولم نقس ما سواها عليها. وهكذا ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حكم عام لشيء ثم سن فيه سنة تفارق حكم العام، كمسح الخفين والعرايا " هذا لفظه، وذكر في " الرسالة " مثله، وقال في موضع آخر من " الأم ": ولا يقاس إلا ما عقلنا معناه، ولهذا قلنا في المسح على الخفين لا يقاس عليهما عمامة ولا برقع ولا قفازان وكذلك القسامة. وفي موضع آخر: إن المحرم لا يتحلل بالمرض، والتحلل رخصة فلا يتعدى بها مواضعها. كما أن المسح على الخف رخصة فلم يقس عليه مسح العمامة. انتهى. وجرى على ذلك جماعة من أصحابنا منهم الأستاذ أبو منصور البغدادي فقال: لا يجوز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير