وهذا الكتاب استخلص فيه المؤلف ما نثره في كتابه السابق في الفقه "الذخيرة" من القواعد والضوابط الفقهية عند تعليل الأحكام، غير أنه زاد وتوسع هنا في بيان ما أجمله هناك، قال القرافي في خطبة كتابه "الفروق": "وقد ألهمني الله تعالى بفضله أن وضعت في أثناء كتاب الذخيرة من هذه القواعد شيئا كثيرا مفرقا في أبواب الفقه كل قاعدة في بابها وحيث تبنى عليها فروعها، ثم أوجد الله تعالى في نفسي أن تلك القواعد لو اجتمعت في كتاب وزيد في تلخيصها وبيانها والكشف عن أسرارها وحكمها، لكان ذلك أظهر لبهجتها ورونقها .. ، فوضعت هذا الكتاب للقواعد خاصة، وزدت قواعد ليست في "الذخيرة" وزدت ما وقع منها في الذخيرة بسطا وإيضاحا"، وفي موضع آخر يقول:"فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه بل للشريعة قواعد كثيرة جدا عند أئمة الفتوى والفقهاء لا توجد في كتب أصول الفقه أصلا، وذلك هو الباعث لي على وضع هذا الكتاب، لأضبط تلك القواعد بحسب طاقتي." وفي موضع ثالث يقول مؤكدا غرضه منه:" وهذا الكتاب إنما قصدت فيه ما يتعلق بالقواعد الفقهية خاصة".
والكتاب يحتوي على خمسمائة وثمان وأربعين (548) قاعدة فقهية، ومنهجه فيه تمثل في أمرين:
أ-استنباط الفرق بين فرعين ليستنتج منه قاعدة أخرى.
ب- استنباط الفرق بين قاعدتين بقصد تحقيقها.
ويقول القرافي مبينا منهج كتابه: "وجعلت مبادئ المباحث في القواعد بذكر الفروق والسؤال عنها بين فرعين أو قاعدتين، فإن وقع السؤال عن الفرق بين الفرعين، فبيانه بذكر قاعدة أو قاعدتين يحصل بهما الفرق، وهما المقصود تحقيقهما، ويكون تحقيقهما بالسؤال عن الفرق بينهما أولى من تحقيقهما بغير ذلك، فإن ضم القاعدة إلى ما يشاكلها في الظاهر ويضادها في الباطن أولى، لأن الضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء"
ويعتبر كتاب "الفروق" أهم كتاب في قواعد الفقه المالكي، قال عن قواعده صاحب الديباج: "خمس مائة وثماني وأربعين قاعدة من القواعد الفكرية، مما لم يسبق إلى مثلها أحد من قبل ولا أتى أحد بشبهها".
وقال عنه الصفدي في الوافي بالوفيات"كتاب جيد كثير الفوائد وبه انتفعت وفيه غرائب وعجائب من علوم غير واحدة وقد كتبت بعضه بخطي".
وقال عنه الزركلي في "الأعلام": "هو من المصنفات الجليلة".
وقد نال اهتمام العلماء المالكية وعنايتهم ترتيبا، وتعقيبا، وتهذيبا واختصارا، ومن هذه الأعمال نذكر:
11. "ترتيب فروق القرافي واختصارها"
تأليف الفقيه الشيخ محمد بن إبراهيم البقوري، المتوفى بمراكش عام 707 ه.
وقد بين في خطبته أسباب تأليفه ومنهجه والغاية منه، في كلمات معدودات، حيث قال:" .. فرأيت أن ألخصه، وأن أرتبه، وأن أنبه على ما يظهر خلال ذلك في كتابه، وأن ألحق به ما يناسبه، مما لم يذكر رحمه الله، فيكون هذا كالعون على فهم الفروق المذكورة وتحصيلها."
ومن خلالها يتبن أن الغاية منه، المساعدة على فهم فروق القرافي وإدراك مسائله وتحصيلها، وقد سلك البقوري في كتابه المنهج التالي:
أ - تلخيص قواعد الفروق.
ب - التنبيه على مواطن الانتقاد فيه.
ت - إلحاق بعض القواعد المناسبة له.
ث - ترتيبه ترتيبا جديدا، كما يلي:
? الترجمة الأولى: القواعد الكلية، وتشتمل على ثلاث عشرة قاعدة.
? الترجمة الثانية: القواعد النحوية، وتشتمل على خمس عشرة قاعدة.
? الترجمة الثالثة: القواعد الأصولية، وما يتعلق منها بالأمر والنهي، وبالعموم والخصوص، وبالمفهوم، وبالخبر، والعلل، والاجتهاد، ثلاث وخمسون قاعدة.
? الترجمة الرابعة: القواعد الفقهية، مائة وثمان وخمسون قاعدة، وهي شاملة لأبواب الفقه المختلفة.
12. " ترتيب مباحث الفروق للقرافي"
تأليف عبد العزيز بوعتور جد الشيخ الطاهر بن عاشور التونسي.
حكى أبو الأجفان وحمزة أبو فارس في مقدمة تحقيقهما لكتاب "الفروق الفقهية" لمسلم بن علي الدمشقي أن نسخة منه مخطوطة موجودة بمكتبة آل عاشور تحت رقم: 83، أوراقها 16.
13. "فهرس تحليلي لقواعد الفروق"
وضعه أبو المنتصر أ. د. محمد رواس قلعة جي، باث في موسوعة الفقه الإسلامي- الكويت، أستاذ النظم الإسلامية في جامعة البترول والمعادن- الظهران.
والكتاب فهرس تحليلي بترتيب أبجدي لمسائله، فيذكر رقم القاعدة والموضوع والمجلد والصفحة.
14. "إدرار الشروق على أنواء الفروق"
¥