كما يلاحظ أيضا أن المؤلف في عرضه النظائر والفروع قد نهج مسلك التركيز و الاختصار، لذلك تجد فيه عويصة تحتاج إلى الشرح، وقد تسبب هذا في عسرة فهم مسائله.
وصفه أحمد الونشريسي وصفا دقيقا فقال: "إنه كتاب غزير العلم كثير الفوائد لم يسبق إلى مثله، بيد أنه يفتقر إلى عالم فتاح".
وقال المنجور عن قواعده: "إنها جليلة القدر عظيمة الشأن".
وفي الواقع يعتبر هذا الكتاب إلى جانب "فروق" القرافي من أقوم ما ألف في قواعد المذهب المالكي، ولعله أوسع كتب القواعد عند المالكية، ويظهر هذا جليا في أثره على من جاء بعده من كتب القواعد.
والجدير بالذكر أن إسهام المقري في مجال القواعد لم يقتصر على هذا الكتاب، بل له مساهمة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى، تجسدت في كتابه المسمى:
24. "عمل من طب لمن حب"
وضع هذا الكتاب خصيصا للصبيان والمبتدئين لينمي فيهم الملكة الفقهية. أثنى عليه المقري (الحفيد)، وقال:" إنه بديع في بابه" "وهو فوق ما يوصف".
وقد أضح المقري موضوعه وأقسامه وقال أنه ضمنه "من أحاديث الأحكام أصحها، ومن كلياته أصلحها، ومن قواعده أوضحها، ومن حكمها أملحها"
وقسمه إلى أربعة أقسام:
أ - القسم الأول: أحاديث الأحكام، وهي خمسمائة حديث من أحاديث الأحكام مرتبة بحسب أبواب الفقه.
ب - القسم الثاني: الكليات الفقهية، وهي خمس وعشرون وخمسمائة كلية، هي ضوابط في أبواب الفقه المختلفة.
ت - القسم الثالث: القواعد الحكمية، وهي ثلاثمائة قاعدة من قواعد الشريعة، أكثر شمولا واتساعا من الكليات الفقهية
ث - القسم الرابع: في الألفاظ الحكمية المستعملة في الأحكام الشرعية، أورد فيه كلمات مشهورة لأئمة مجتهدين حول الفقه واستنباط الأحكام.
25. "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول"
تأليف محمد بن أحمد بن علي الإدريسي الحسني أبو عبد الله، المعروف بالشريف التلمساني، توفي سنة 771 ه.
باحث من أعلام المالكية، انتهت إليه إمامتهم بالمغرب، من مؤلفاته "شرح جمل الخونجي"، و"مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول".
يعتبر كتابه "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول"من أجود المصنفات في علم أصول الفقه، ألفه على منهج جديد، مرتب منظم، قوي العرض دقيق النظر، يعنى بما خلت منه المؤلفات في علم الأصول مما يلزم المتعلم، ويمرن الفقيه، فهو تطبيق للمسائل الفقهية على الأصول والأدلة الكلية، وتحرير للفروع الخلافية، مع تيسير في الاستنباط، وهو لهذا الاعتبار يعد من كتب القواعد وإن كان ليس في القواعد الفقهية الخالصة، ولكنه يجمع بين القواعد والأصول.
26. " قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي"
تأليف الدكتور عبد الرحمان إبراهيم زيد الكيلاني، من مواليد الأردن 1970م.
الكتاب الأصل هو" الموافقات"، تأليف أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، أخذ عن أبي عبد الله الشريف التلمساني، والإمام المقري، توفي عام 790ه.
قال الشيخ بابا التنبكتي في "كفاية المحتاج" في وصفه:"ذا قدم راسخ في العلوم والإمامة العظمى في الفنون فقها وأصولا وتفسيرا وحديثا وعربية وغيرها مع تحرير عظيم وتحقيق بالغ إلى استنباطات جليلة وفوائد كثيرة وقواعد محققة محررة واقتراحات عزيزة مقررة .. "
له تآليف نفيسة اشتملت على تحريرات للقواعد وتحقيقات لمهمات الفوائد منها كتاب "الاعتصام"، و"الموافقات ".
وهو في هذين الكتابين ذكر مجموعة من القواعد الكلية الهامة، فقد كان له ولع وعناية بتحرير القواعد الجامعة وصياغتها صياغة دقيقة مركزة، وميزة قواعده أنها تختص بالفقه المقاصدي، وهو في هذا متأثر بالقرافي وشيخه العز بن عبد السلام، كما أنه استفاد من المقري من الناحية المنهجية، وإلى هذا يشير الفاضل بن عاشور في سياق حديثه عن قواعد المقري ومنهجه في استخلاصها حيث قال:"وعلى هذا المنهج الاجتهادي العالي كان تأسيس السلم الذي تدرج فيه أبو إسحاق الشاطبي حيث انتهى إلى عوالي القواعد القطعية".
¥