فلكي يصل المجتهد إلى معرفة العلة التي أنيط بها هذا الحكم عليه أن ينقح هذه الأوصاف ويخلصها من كل مالا يصلح لأن يكون علة.
وبالبحث يتضح له أنه لا يصح واحد من تلك الأوصاف أن تكون علة لوجوب الكفارة سوى واحد , وهى الوقاع في نهار رمضان عمداً , وبذلك يتعين أن يكون هذا الوصف هو مناط الحكم الذي هو إيجاب الكفارة , غير أن الفقهاء اختلفوا في أن علة إيجاب الوقاع عمداً في نهار رمضان للكفارة , هل هو لخصوصية فيه فلا يجب في غيره بالأكل ونحوه عمداً؟ أم إنه إنما كان علة لما فيه من انتهاك حرمة الشهر وعليه فإن الكفارة تجب في ما وجد الانتهاك؟
تخريج المناط
هو الاجتهاد في استخراج علة الحكم المنصوص عليه , ولم تثبت علته بنص ولا إجماع , ويتم تخريج المناط بأي مسلك من مسالك العلة عدا النص والإجماع.
واليكم هذا المثال الذي يبين هذا:-
إذا ورد نص بتحريم الخمر , ولم تثبت علته بنص ولا إجماع , فإن المجتهد سيبحث عن علة التحريم , وهذا البحث يسمى تخريج المناط.
فتخريج المناط إذاً هو استنباط علة لحكم شرعي ورد به النص ولم يكن هناك نص ولا إجماع يثبت علته.
تحقيق المناط
هو البحث لغرض إثبات علة الحكم المنصوص عليه في واقعة لم ينص على حكمها.
واليكم هذه الأمثلة:-
المثال الأول) - ورد النص بان علة اعتزال النساء في المحيض هو الأذى بقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} , فينظر المجتهد في تحقيق الأذى في النفاس , فإذا ما تحقق ثبت الحكم المنصوص عليه.
المثال الثاني) - ثبت أن علة تحريم الخمر هي الإسكار , فإذا ما أرد المجتهد أن يعرف حكم شرب النبيذ , فعليه أن يثبت أنه مسكر , فمتى ما اثبت هذه العلة ظهر الحكم.
س3) - لقد دل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة على أن القياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية. اذكر هذه الأدلة؟
الكتاب
•قوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} , والميزان ما توزن به الأمور ويقاس به بينها.
•وقوله تعالى {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} , فشبه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه.
•وقوله {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} , فشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض وهذا هو القياس.
السنة
•عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ {أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ} مسلم , ووجه الدلالة هي أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاس دين الله تعالى على دين الآدمي.
•عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ {هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ} البخاري , فهذا قياس مقنع لان البشر كالإبل في هذه الناحية فلا فرق.
وقد استعمل الصحابة القياس ومنها ما ذكر عن عمر بن الخطاب في كتابه إلى موسى الأشعري في القضاء.
أنواع القياس
س4) - ما هي أنواع القياس؟
يمكن تقسيم القياس إلى ثلاثة أقسام بثلاثة اعتبارات وهى:-
باعتبار قوته وضعفه
ينقسم القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين هما:-
1) - قياس جلي:- وهو ما ثبتت علته بنص أو إجماع أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع
من هذا التعريف يتضح أن العلة يجب أن تكون ثابتة بأحد الأمور الآتية:-
•النص وهو الكتاب والسنة.
¥