ـ[عبدالغفار بن محمد]ــــــــ[20 - 04 - 05, 02:00 م]ـ
عقيدة ظل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قضية ظل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أوقعت مشايخ التصوف والمولد في تخبط وتناقض، وذلك بسبب اعتقادهم خلق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من نور. فبعضهم ذهب إلى أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - له ظل ولم تر حقيقته بسبب خلقه من نور.
عقيدة النبهاني
يذكر النبهاني صاحب المولد المشهور (3/ 58 نقلا عن كتاب جواهر المعاني لعلي حرازم في مناقب التيجاني) عند كلامه على الحقيقة المحمدية واستتارها عن الخلق بالأنوار الإلهية وتعدد تسميتها، ثم ظهور الجسد المحمدي الشريف واختلاف الأولياء بزعمه في إدراكها، فذكر عن أويس القرني، أنه قال لعمر وعلي رضي الله عنهما: (لم تريا من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا ظله! قالا: ولا ابن أبي قحافة) ثم ذكر تعقيب أبي العباس التيجاني صاحب الطريقة على قول أويس فقال: (فلعله غاص لجة المعارف طلبا للوقوف على عين الحقيقة المحمدية، فقيل له: هذا أمر عجز عنه أكابر الرسل والنبيين، فلا مطمع لغيرهم فيه).
ثم ذكر النبهاني ما يناقضه ويقرر عقيدته في نورية النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ففي كتابه (حجة الله على العالمين ص 49) ذكر عن حسان بن ثابت: "لما نظرت إلى أنواره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضعت كفي على عيني خوفا من ذهاب بصري).
قلت: هراء لم نسمعه من أزواجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهم أقرب الناس إليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهي عقيدة قررها المالكي على مسمع من مريده في أحد المسجلة وهي عندي بصوته، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نور مادي وليس معنوي يرى وينظر.
ثم النبهاني معقبا على قول حسان السابق: "ومن ثم للطافته ونورانيته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن له ظل)، واستدل بقول أحدهم:
دخل العالم في ظل الذي * ماله ظل وللأغيار يمحو
ويعلل الحكيم الترمذي الصوفي نفي الظل عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متعالما بقوله: (حتى لا يطأ عليه كافر يكون له مذلة). ذكره عنه العاقولي في كتابه الرصف (1/ 86).
قلت: هذا تعليل باهت بارد لا وجه له من الناحية العلمية، وهو يدل على جهل قائله بالسيرة النبوية وأحداثها، فوطء ظله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يكاد يذكر بجانب الأذى الذي لقيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في شعب أبي طالب، أو الروث الذي ألقي عليه وهو يصلي، وإخراجه من مكة وقتل عمه حمزة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وشج رأسه وكسر رباعيته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
عقيدة الدكتور المالكي
أما المالكي داعية المولد المشهور، فإنه يستدل لنفي الظل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في سياق كلامه في أحد الموالد المسجلة والتي قرر فيها عقيدته أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نور مادي محسوس يرى وينظر، فقال مانصه: "وفي هذا يقول شيخ مشايخنا من علماء الشناقطة:
خص نبينا بعشر خصال * لم يحتلم قط وماله ظلال
والأرض ما يخرج منه تبتلع * كذلك الذباب عنه ممتنع
تنام عيناه وقلب لا ينام * من خلفه يرى كما يرى أمام
إلى آخر الأبيات التي في الخصائص، الشاهد في أنه قال: (لا ظلال)، يعني لا ظل له". انتهى كلامه بحروفه.
قلت: إن أدلة نفي الظل لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا خطام لها ولا زمام، وهناك دليلان على نفي الظل:
الأول: حديث مرسل (عن ذكوان ان رسول الله لم يكن يرى له ظل في شمس ولا قمر). عزاه السيوطي في الخصائص الكبرى (1/ 122) للحكيم الترمذي من طريق عبد الرحمن بن قيس الزعفراني عن عبد الملك بن عبد الله بن الوليد عن ذكوان.
الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لم يكن لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظل، و لم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوؤه ضوء الشمس، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوؤه السراج). ذكره ابن الجوزي في الوفا (ص412) بدون إسناد.
وقد جاء في كون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - له ظل حديثان فيها كلام إنها مسندة وأقوى من سابقتها.
¥