ـ[عبد الرحمن الشامي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 01:04 ص]ـ
الفاضل أبو بكر بن عبد الوهاب، نِعمَ الجار أنتم، أخ عزيز في الله، وفي إنتظار جوابكم بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[21 - 04 - 05, 03:55 ص]ـ
أخي الكريم عبد الرحمن الشامي
وقع اختلاف بين أهل العلم في مسألتكم
حاصله يرجع إلى ثلاثة أمور:
1ــ الإتيان بمناف بين وقت ترك السلام ووقت تذكر تركه.
2ــ الفصل الزماني بين وقت ترك السلام ووقت تذكر تركه.
3ــ الفصل المكاني بين وقت ترك السلام ووقت تذكر تركه.
ثم اختلفوا في ضبط كل واحد من هذه الثلاثة
والعمدة في أكثر ذلك حديث ذي اليدين رضي الله تعالى عنه
أما الحنفية:
فقد علمتَ أن التسليمتين عندهم واجبتان فترك واحدة أو اثنتين سواء
فإن نسيهما أو واحدةً منهما
بنى على صلاته ما لم يتكلم أو يخرج من المسجد كذا يذكرون ...
وهذا منهم نظر إلى الأول والثالث مما ذكرنا.
ـ والبناء هو إدراك النقص والاستئناف هو الرجوع من أول ـ
ويلتحق بالكلام عندهم غيرُه من الأكل والشرب ونحو ذلك ....
ويلتحق بالخروج من المسجد غيرُه مما كان في معناه
كأن كان في فلاة مثلا فيضبطون الفصل بمجاوزة الصفوف
أو كان في بيته فبخروجه من غرفته التي يصلي فيها
أو كان في محل تجارته وصنعته فبخروجه منه
وقد تختلف الأنظار في معنى مفارقته مصلاه
ولا يبعد ربطها بالعرف أو نظر المُبتلى
ولهم فروع تدل على هذين والله تعالى أعلم
ولم ينظر الحنفية إلى الفصل الزماني بين وقت ترك السلام ووقت تذكر تركه
ويترتب عليه ما لو نسي السلام ثم ذكره بعد ساعة أو اثنتين وهو جالس في محله
قالوا يأتي به ويسجد للسهو والله تعالى أعلم.
أما الشافعية:
فقد علمتَ أن الفرض عندهم تسليمة واحدة والثانية سنة
فإن نسي واحدة صحت صلاته بلا خلاف عندهم وعليه كثير من أهل العلم
ولا فرق بين أن يكون نسي السلام عن يمينه أو يساره
أما إن نسي الاثنتين
قالوا يبني على صلاته ما لم يطل الفصل أو يخرج من المسجد كذا يذكرون أيضا ....
وهذا منهم نظر إلى الثاني والثالث مما ذكرنا.
ولا ريب أنهم ينظرون إلى الأول أيضا وإن لم يذكروه في جملة القيد ـ فيما أذكر ـ
فلو أتى بمناف لها كحدث وكلام وأكل وشرب ... فالصحيح أنه يستأنف
وشرطوا في ذلك أن يبلغ حد الكثرة ـ على الصحيح ـ لأن قليل الكلام والأكل والشرب سهوا لا يؤثر في مذهبنا
والقلة والكثرة والفصل الزماني والمكاني
بعضهم يرده إلى ما ورد في حديث ذي اليدين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم
وبعضهم يرده إلى العرف، فما استكثره الناس كان كثيرا وما لا فلا، وهلمَّ جرا .....
وقد تجد من يحد في هذه الأمور حدا بلا نص لأنها لا تنضبط عند الناس
وهذه طريقة الحنفية في كثير من المسائل استحسانا
وفروعهم تدل على هذا
ورأيت مثل هذا عند المالكية أيضا
والحاصل عندنا
أنه إن ذكرهما على الفور ولم يأت بمناف أتى بهما في مكانه وسجد للسهو
وأما إن تأخر ذكره لهما ـ حتى خرج من المسجد أو طال الزمان ـ استأنف صلاته ...
والمالكية كالشافعية إلا في بعض التفاصيل لا أذكرها الآن
والحنابلة كالشافعية أيضا
إلا أنهم يقولون ذلك فيما لو ترك تسليمة واحدة
لأن المشهور جدا من مذهبهم أن التسليمتين فرض وهو من مفرداتهم.
هذه مذاهب أهل العلم
والأقرب ـ إن شاء الله تعالى ـ
أن التسليمتين فرض ولا أعلم في التسليمة الواحدة حديثا قائما
فإن ترك إحداهما عمدا بطلت صلاته
وإن تركها سهوا
بنى على صلاته ما لم ينتقض وضوؤه
ولا عبرة بالفصل الزماني ولا المكاني سواء قلَّ أم كثُر
ولا عبرة بالمنافي سواء قل أو كثر
وذلك وجه في مذهبنا
لأنه لم يرد التفريق بين القليل والكثير في كتاب ولا سنة ولا نظر صحيح
والدليل على من فرق
ثم لا يُعرفُ ضابط للقلة والكثرة عند من قال بهما
فهم يقولون بالعرف، ثم لا نجد عرفا صحيحا لا يختلف الناس فيه
فما تراه قليلا يراه غيرك كثيرا والعكس
ومنهم من حد حدودا بلا مستند والله المستعان .......
وأما من منع البناء بعد التلبس بالمنافي مطلقا
فغاية ما تمسك به أنه جرى على الأصل في أن هذه الأشياء ـ أعني الكلام وغيره ـ تبطل بها الصلاة
وألحقَ العمد بالسهو
¥