(القاعدة الثامنة عشر): إذا اجتمعت عبادتان من جنس في وقت واحد ليست إحداهما مفعولة على جهة القضاء ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت تداخلت أفعالهما، واكتفى فيهما بفعل واحد وهو على ضربين: (أحدهما): أن يحصل له بالفعل الواحد العبادتان [جميعا] يشترط أن ينويهما جميعا على المشهور ومن أمثلة ذلك من عليه حدثان أصغر وأكبر فالمذهب أنه يكفيه أفعال الطهارة الكبرى إذا نوى الطهارتين [جميعا] بها وعنه لا يجزئه عن الأصغر حتى يأتي بالوضوء واختار أبو بكر أنه يجزئه عنهما إذا أتى بخصائص الوضوء من الترتيب والموالاة وإلا فلا، وجزم به صاحب المبهج ولو كان عادما للماء فتيمم تيمما واحدا ينوي به الحدثين أجزأه عنهما بغير خلاف ونص عليه أحمد في رواية مهنا.
(ومنها) القارن إذا نوى الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد على المذهب الصحيح وعنه لا بد من طوافين وسعيين كالمفرد،
(ومنها) لو طاف عند خروجه من مكة طوافا ينوي به الزيارة والوداع، فقال الخرقي في شرح المختصر وصاحب المغني في كتاب الصلاة يجزئه عنهما ويتخرج فيه خلاف من المسألة التي بعدها.
(ومنها) لو أدرك الإمام راكعا فكبر [تكبيرة ينوي بها] تكبيرة الإحرام والركوع فهل يجزئه؟ على وجهين حكاهما أبو الخطاب وغيره واختار [القاضي] عدم الإجزاء للتشريك بين الركن وغيره
(والضرب الثاني) أن يحصل له أحد العبادتين بنيتها، وتسقط عنه الأخرى ولذلك أمثلة: (منها) إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فصلى معهم، سقطت عنه التحية.
(ومنها) لو سمع سجدتين معا، فهل يسجد سجدتين أم يكتفي بواحدة؟ المنصوص في رواية البرزاطي أنه يسجد سجدتين، ويتخرج أنه يكتفي بواحدة، وقد خرج الأصحاب بالاكتفاء بسجدة الصلاة عن سجدة التلاوة وجها فهنا أولى.
(ومنها) إذا قدم المعتمر مكة فإنه يبدأ بطواف العمرة ويسقط عنه طواف القدوم، وقياسه إذا أحرم بالحج من مكة ثم قدم [يوم] النحر أنه يجزئه طواف الزيارة عنه والمنصوص هاهنا أنه يطوف قبله للقدوم، وخالف فيه صاحب المغني وهو الأصح.
(ومنها) إذا صلى عقيب الطواف مكتوبة فهل يسقط عنه ركعتا الطواف على روايتين
(ومنها) لو أخر طواف الزيارة إلى وقت خروجه فطاف فهل يسقط عنه طواف الوداع أم لا؟ على روايتين [ونص في رواية ابن القاسم على سقوطه.
(ومنها) إذا أدرك الإمام راكعا فكبر للإحرام فهل تسقط عنه تكبيرة الركوع؟ على روايتين] أيضا والمنصوص عنه الإجزاء.
وهل يشترط أن ينوي بها تكبيرة الافتتاح أم لا؟ على روايتين
ومنها) إذا اجتمع في يوم عيد وجمعة فأيهما قدم أولا في الفعل سقط به الثاني ولم يجب حضوره مع الإمام.
(ومنها) اجتماع الأسباب التي يجب بها الكفارات وتتداخل في الإيمان والحج والصيام والظهار وغيرها.
فإذا أخرج كفارة واحدة عن واحد منها معين أجزأه وسقطت سائر الكفارات وإن كان مبهما.
فإن كانت من جنس واحد أجزأه أيضا وجها واحدا عند صاحب المحرر.
وعند صاحب الترغيب أن فيه وجهين.
وإن كانت من جنسين فوجهان في اعتبار نية التعيين وأما الأحداث الموجبة للطهارة من جنس أو جنسين موجبهما واحد فيتداخل موجبهما بالنية أيضا بغير إشكال وإن نوى أحدهما فالمشهور أنه يرتفع الجميع ويتنزل ذلك على التداخل كما قلنا في الكفارات أو على أن الحكم الواحد يعلل بعلل مستقلة، وإذا نوى رفع حدث البعض فقد نوى واجبه وهو واحد لا تعدد فيه.
وعن أبي بكر لا يرتفع إلا ما نواه قال في كتاب المقنع إذا أجنبت المرأة ثم حاضت يكون الغسل الواحد لهما جميعا إذا نوتهما به.
ويتنزل هذا على أنه لا يعلل الحكم الواحد بعلتين مستقلتين بل إذا اجتمعت أسباب موجبة تعددت الأحكام الواجبة بتعدد أسبابها ولم تتداخل وإن كانت جنسا
وقال شيخ الإسلام: (مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 418)
" ... ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل إحداهما في الأخرى. كما يدخل الوضوء في الغسل وأحد الغسلين في الآخر والله أعلم.
وقال أيضا: مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 6 / ص 113)
¥