يقول سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال صلى الله عليه وسلم في آخر حديثه: " فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قرأ هذه الآية: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون* فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) ".
نعيم الجنة يدرك بالعمل:
لكن طريق الجنة شاق شائك لأن فيه مخالفة لأهواء النفوس ومحبوباتها، فهو يحتاج إلى عزيمة ماضية، وإرادة قوية، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات).
وصف نعيم الجنة:
ورد في عدد من النصوص وصف نعيم الجنة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن ما تتوق له النفس؛ حتى تطير فرحاً وشوقاً بمجرد سماع مثل هذه الأخبار، فكيف لو تخيلت نفسها في هذا النعيم!!!
ومن نعيم الجنة ما خص الله تعالى به الرجال ومنه ما خص به النساء ..
ما ميز الله تعالى به نساء المسلمين من النعيم:
وإذا كان ذكر الحور العين وجمالهن مما يغري الرجال في الجنة فقد أغرى الله تعالى النساء في الجنة بنعيم يفوق هذا النعيم وهو الجمال الساحر الذي يجعله الله تعالى في نساء المسلمين في الجنة ..
فإذا كان جمال الحور العين في خلقهن من الجنة.
وأنهن كأمثال اللؤلؤ المكنون.
وأن الواحدة منهن: بيضاء حسناء صافية، يرى مخ ساقها من وراء اللحم، وغير ذلك مما أغرى الله تعالى به الرجال.
فقد أغرى الله تعالى النساء بأضعاف أضعاف هذا النعيم ..
ذلك أنها تفوق الحور العين بجمالها: فقد ورد إن نساء أهل الدنيا _ من دخل منهن الجنة _ فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا.
وكما أن الصحابة رضي الله عنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة، فقد سألته أم سلمة رضي الله عنها عن كل ما يشكل في هذا الباب ..
فعن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَحُورٌ عِينٌ).
قَالَ صلى الله عليه وسلم: (حُورٌ): بِيضٌ. (عِينٌ): ضِخَامُ الْعُيُونِ.
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ).
قَالَ صلى الله عليه وسلم: صَفَاؤُهُنَّ كَصَفَاءِ الدُّرِّ الَّذِي فِي الأَصْدَافِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ الأَيْدِي.
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ).
قَالَ صلى الله عليه وسلم: خَيْرَاتُ الأَخْلاقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ.
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)؟
قَالَ: رِقَّتُهُنَّ كَرِقَّةِ الْجِلْدِ الَّذِي فِي دَاخِلِ الْبَيْضَةِ مِمَّا يَلِي الْقِشْرَ.
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (عُرُبًا أَتْرَابًا)؟
قَالَ: هُنَّ اللَّوَاتِي قُبِضْنَ فِي دَارِ الدُّنْيَا عَجَائِزَ رُمْصًا شُمْطًا خَلَقَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ الْكِبَرِ فَجَعَلَهُنَّ عَذَارَى عُرُبًا مُتَعَشِّقَاتٍ مُتَحَبِّبَاتٍ أَتْرَابًا عَلَى مِيلادٍ وَاحِدٍ.
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَمْ الْحُورُ الْعِينُ؟
قَالَ: بَلْ نِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ كَفَضْلِ الظِّهَارَةِ عَلَى الْبِطَانَةِ.
قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَبِمَ ذَاكَ؟
¥