ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[04 - 12 - 06, 07:43 م]ـ
السؤال
هل الانشغال بالضيف من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة في المسجد؟
لتاريخ 09/ 09/2000 ا
الحل
ليس من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعةالانشغال بالضيف، وإليك الأعذار المبيحة للتخلف عن الصلاة في جماعة
الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة: منها ما هو عام , ومنها ما هو خاص. وبيان ذلك فيما يلي: -
أولا: الأعذار العامة:
أ - المطر الشديد الذي يشق معه الخروج للجماعة , والذي يحمل الناس على تغطية رءوسهم
ب - الريح الشديدة ليلاًً لما في ذلك من المشقة.
ج - البرد الشديد ليلاً أو نهارًًا , وكذلك الحر الشديد. والمراد البرد أو الحر الذي يخرج عما ألفه الناس أو ألفه أصحاب المناطق الحارة أو الباردة.
د - الوحل الشديد الذي يتأذى بهالإنسان في نفسه وثيابه , ولا يؤمن معه التلوث.
وعن أبي يوسف: سألت أبا حنيفة عن الجماعة في طين وردغة؟ فقال: لا أحب تركها.
قال ابن عابدين: نقلا عن بعض فقهاء الأحناف: اختلف في كون الأمطار والثلوج والأوحال والبرد الشديد عذرًا , وعن أبي حنيفة: إذا اشتد التأذي يعذر , وفي وجه عند الشافعية - وهو مقابل الصحيح - أن الوحل ليس بعذر , والصحيح أنه عذر.
هـ - الظلمة الشديدة , والمراد بها كون الإنسان لا يبصر طريقه إلى المسجد , قال ابن عابدين: والظاهر أنه لا يكلف إيقاد نحو سراج وإن أمكنه ذلك. والدليل على كون الأعذار السابقة من مطر وغيره تبيح التخلف عن الجماعة الأحاديث الواردة في ذلك ومنها: -
ما روي أن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال: " ألا صلوا في الرحال , ثم قال: {إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: ألا صلوا في رحالكم} وفي رواية: {كان يأمر مناديه في الليلة الممطرة والليلة الباردة ذات الريح أن يقول: ألا صلوا في رحالكم}.
عن عبد الله بن الحارث , عن عبد الله بن عباس: {أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: أشهدأن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل: حي على الصلاة. قل: صلوا في بيوتكم. قال: فكأن الناس استنكروا ذاك. فقال: أتعجبون من ذا؟ قد فعل ذا من هو خير مني. إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أحرجكم , فتمشوا في الطين والدحض}.
ثانيا: الأعذار الخاصة:
أ - (المرض):
- وهو المرض الذي يشق معه الإتيان إلى المسجد لصلاة الجماعة. قال ابن المنذر: لا أعلم خلافًا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض , ولأن {النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض تخلف عن المسجد،وقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس " , ومن ذلك كبر السن الذي يشق معه الإتيان إلى المسجد.
ب - الخوف:
- وهو عذر في ترك الجماعة - ; لما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من سمع النداء , فلم يمنعه من اتباعه عذر , قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض , لم تقبل منه الصلاة التي صلى}.
والخوف ثلاثة أنواع: خوف على النفس , وخوف على المال , وخوف على الأهل.
الأول: أن يخاف على نفسه سلطانًا يأخذه , أو عدوًا أو لصًا أو سبعًا أو دابة أو سيلاً أو نحو ذلك مما يؤذيه في نفسه , وفي معنى ذلك أن يخاف غريمًا له يلازمه , ولا شيء معه يوفيه ; لأن حبسه بدين هو معسر به ظلم له. فإن كان قادرًا على أداء الدين لم يكن عذرًا له ; لأنه يجب إيفاؤه.
ومن ذلك: الخوف من توقيع عقوبة , كتعزير وقود وحد قذف مما يقبل العفو. فإن كان يرجو العفو عن العقوبة إن تغيب أيامًا عن الجماعة كان ذلك عذرًا. فإن لم يرج العفو أو كان الحد , مما لا يقبل العفو كحد الزنا لم يكن ذلك عذرًا , وهذا كما يقول الشافعية والمالكية.
واختلف الحنابلة فيمن وجب عليه قصاص , فلم يعتبره بعضهم عذرًا , واعتبره بعضهم عذرًا إن رجا العفو مجانًا أو على مال , وقال القاضي: إن كان يرجو الصلح على مال فله التخلف حتى يصالح. أما الحدود , فما كان حقًا لآدمي كحد القذف فالصحيح عندهم أنه ليس عذرًا في التخلف , لكن ابن مفلح قال في كتابه الفروع: ويتوجه فيه وجه: إن رجا العفو , أما الحدود التي لا تقبل العفو فلا تعتبر عذرًا.
¥