) قد يكون هذا العام، وبامتياز، عام خسارة الفكر والثقافة العربيين لأبرز رموزهما، الذين يرحلون واحدا واحدا ... وتوجت هذه الخسارات الكبيرة برحيل المعلم الأكبر محمد أركون ... هل اتفقوا على الرحيل معا بعدما شبعوا عقوقا وهجرا ونبذا؟ هل تعبوا من الكلام الضائع في الهواء العربي؟ هل شعروا فجأة باللا جدوى، فانسحبوا، كلٌ على طريقته، من العشائر والطوائف، وأصحاب السياط، وشرطة المنع، وشيوخ التكفير، ومن الولائم الثقافية العربية، والجهلة الثقافيين النشيطين، الذين ملأوا آذاننا زعيقا، فلم نعد نسمع غيرهم، ولم نعد نقرأ لغيرهم. هل تعبوا فجأة، مطلقين صرخة واحدة في وجه الجميع: أية أمة هذه يا إلهي؟)
[فاضل السلطاني -الشرق الأوسط - الخميس 07 شوال 1431 هـ]
عودة إلى أركون:
وصف أركون مقولة: ((الإسلام صالح لكل زمان و مكان))، بأنها صرامة عقائدية جامدة للتصورات القديمة الموروثة عن الإسلام، الأمر الذي جعله مستعصيا على التاريخ، لأنه فوق الزمن و الواقع التاريخي [الإسلام، أوروبا،الغرب ص: 13]
عندما تكلم أركون عن الآية الخامسة [1] ( http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=main,tlist&ver=B0YhjO3vx0M.en.&am=!iMxkIOjHSP6xhZwC2vD2TmCLS3uxKecBkwb6GhHnBQkywi IGAhj4&fri#_ftn1) من سورة التوبة، قال: ((نلاحظ أن وصف المعارضين يُختزل إلى اسم واحد: المشركين، فقد جرى رميهم جميعا و بكل قسوة في ساحة الشر و السلب و الموت، من دون تقديم أي مبرر لهذه الإدانة في السياق المباشر على الأقل)) [أركون: القرآن، 64]
(القرآن كالأناجيل ليست إلا مجازات عالية تتكلم عن الوضع البشري. إن هذه المجازات لا يمكن أن تكون قانونا واضحا). و أن الوهم الكبير هو اعتقاد (الناس بإمكانية تحويل هذه التعابير المجازية إلى قانون شغال و فعال، و مبادئ محددة، تُطبق على كل الحالات و في كل الظروف) [تاريخية الفكر، ص: 299]
(قد يبدو من غير المعقول أو المحتمل أن يكون الخطاب القرآني متجانسا و منسجما، خاصة إذا ما علمنا أنه استمر على مدى عشرين عاما) [تاريخية الفكر، ص: 114] و (طالما عاب عليه الباحثون فوضاه) [الفكر الأصولي، ص: 86].
بنظرة أركون إلي العلاقة بين القرآن و التوراة فيما يخص القصص القرآني فإنه ادعى بأنه توجد مؤثرات خارجية في القصص القرآني، أتته من مصدر موثوق و صحيح هو التوراة و بالتالي (إدانة الأخطاء و التشويهات،و الإلغاءات و الإضافات، التي يُمكن أن توجد في النسخة القرآنية بالقياس إلى النسخة التوراتية) [الفكر الإسلامي، ص: 143].
عندما سُئل أركون: (هل زار النبي إبراهيم –عليه السلام- مكة، مع أن القرآن يؤكد ذلك، و الواقع التاريخي ينفيه؟، أجاب بقوله: إن زيارة إبراهيم إلى مكة تُعتبر حقيقة لا تُناقش بالنسبة للوعي الأسطوري، أو المنغمس في الخيال الأسطوري، لكن ذلك (لا يعني شيئا يُذكر بالنسبة للوعي التاريخي الحديث الذي يضبط الوقائع ضبطا تاريخيا محققا) [الإسلام،أوروبا،الغرب ص: 75].
و يقول أركون (أعود إلى التُّراثِ لأنَّ المُجْتَمَعات العربيَّة تعود إليه وتطالب به. إذن الأمر لا يتعلق بي شَخْصِيًّا ولكنه يتعلق بالمجتمع العَرَبي. أسمع في جميع البيئات العربيَّة جميع الناس يطالبون بالرجوع إلى التُّراث ويستخدمون التُّراث؛ كوسيلة إيديولوجية ووسيلة للكفاح، ويزعمون أنهم يستخدمونه؛ كوسيلة ثقافية علميَّة من أجل مُكَافَحَة الغرب الذي تَغَلَّب ثقافيًّا على المجتَمَعَات العَربيَّة)
مجلة "مواقف"، عدد 40، شتاء 1981، حوار مع محمد أركون بعنوان: "التراث والموقف النقدي التساؤلي"، ص40.
و يقول (راح الخليفة الثالث عثمان _ أحد أعضاء العائلة المعادية لعائلة النبي _ يتخذ قراراً نهائياً بتجميع مختلف الأجزاء المكتوبة سابقاً والشهادات الشفهية التي أمكن التقاطها من أفواه الصحابة الأُوَل. أدى هذا التجميع عام 656م إلى تشكيل نص متكامل فرض نهائياً بصفته المصحف الحقيقي لكل كلام الله كما قد أوحي إلى محمد.رفض الخلفاء اللاحقون كل الشهادات الأخرى التي ترى تأكيد نفسها (مصداقيتها)؛مما أدى إلى استحالة أي تعديل ممكن للنص المشكل في ظل عثمان.
¥