هذه هي رواية التراث و هذه هي الرواية التي تمثل اليوم الموقف الإسلامي العام و التي لها قوة المسلمة التي لا تناقش و لا تمس. لنعد صياغة هذه الرواية مرة أخرى: كل كلام الله الموحى به إلى محمد كان قد نقل بصدق و إخلاص كامل ثم حفظ كتابة في المصحف المشكل زمن عثمان أي خمسة و عشرين عاما بعد وفاة النبي.
هذه هي المقولة الرسمية التي لا يسمح لأحد من البشر أن يوجه إليها أدنى ذرة من الشك ... هنا تكمن المشكلة القصوى هنا الأمر العظيم المحير. إن المسألة ليست مسألة حرية أو دوغمائية خاصة بالإسلام كإسلام، أبدا، أبدا. و إنما هي مشكلة كيفية اشتغال آلية مجتمع بأسره. و حتى القادة السياسيون لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا على فرض أنهم يعون المسألة. لأنهم إذا ما تعرضوا بالشك لهذه المقولات المطلقة فسوف ينالهم عقاب الجمهور مهما تكن رتبهم القيادية) [تاريخية الفكر الإسلامي، ص 288].
(إن الحكايات التوراتية والخطاب القرآني هما نموذجان رائعان من نماذج التعبير الميثي
_ الأسطوري _) [تاريخية الفكر الإسلامي، ص 210].
استراحة (3) مع صحفنا
أطلق البعض على هذا العام، الذي لم تنقض شهوره وأيامه بعد، مسمى «عام الحزن» بسبب رحيل أسماء مهمة وذات وزن ثقيل في عالم الكتابة والإبداع والفكر خلاله مثل محمد عابد الجابري ونصر حامد أبوزيد والطاهر وطار وأحمد البغدادي ومحي الدين اللباد ومحمود السيد وغازي القصيبي ومحمد أركون.
[عبدالوهاب أبو زيد _ جريدة اليوم _ الأحد 1431 - 10 - 17هـ]
أما مشروع أركون فقد كان معنيا بالتفتيش عن الأنسنة في التراث العربي والإسلامي، وكانت أفكاره ورؤاه شديدة القوة في نقد تراثنا المليء بالخطل المعرفي والانحراف الفكري، والتشابكات المعقدة دينيا وسياسيا وغيرها، كما أنه نقد طال بسياطه العلمية واقعنا الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي.
[عبدالله بن بجاد العتيبي ( http://www.okaz.com.sa/new/index.cfm?method=home.authors&authorsID=522) – جريدة عكاظ - الإثنين 18/ 10/1431 هـ]
عودة إلى أركون:
مما يعيبه أركون على المستشرقين (تقديمهم للقصص القرآني والحديث النبوي والسيرة على أنها تشكيلات استدلالية وعقلانية في حين أنها مدينة للمخيال الذي يبلور الأساطيرالخاصة بأصول كل فئة أو ذات جماعية، وتساهم في تأسيسها وإنجاز هويتها) [تاريخية الفكر الإسلامي، ص 15].
(أن القرآن كما هي الأناجيل ليس إلا مجازات عالية تتكلم عن الوضع البشري، إن هذه المجازات لا يمكن أن تكون قانوناً واضحاً) [تاريخية الفكر الإسلامي، ص 154]
(إن القرآن يتكلم عن الدين المثالي الذي يتجاوز التاريخ، أو إذا ماشئنا يشير إلى التعالي) [الوحدة، ع13، ص31]
و يقول أركون (إن التفكير بشروط إمكانية الخروج من نطاق هذا السياج الدوغماتي يشكل اليوم المرحلة الأولى من بحث علمي و عمل تاريخي يتمان على المدى الطويل و هما يتجاوزان في أهميتهما و ابعادهما الحالة الخاصة للمثقف المسلم و الاسلام , كما سنرى فيما بعد.
ثانيا: الخروج من السياج الدوغماتي المغلق
لا ينحصر السياج الدوغماتي المغلق الموصوف باختصار في الصفحات السابقة بالدائرة الإيديولوجية التي افتتحها القرآن و عمل النبي ثم وسعت و ضخمت في ما بعد من قبل العلماء و الفقهاء) [الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ص10]
(و أما الفكر النقدي، فعلى العكس، يصاب بالشلل من جراء "القيم" المعنوية و الدلالية و البلاغية و التقديسية للغة الوحي .. فالدراسة النقدية هي وحدها القادرة على كشف جوانبه الإيجابية و تبيان قيمته الحقيقية و فتح الطريق لتجاوز سلبياته التي لا تزال تعيق نهضة العرب و المسلمين عموما) [الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ص16]
¥