تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تشرع الاستخارة في كل شيء من الأمور كما قال جابر رضي الله عنه: \" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها \" فيشمل ذلك الأمور الدعوية والتربوية فتشرع فيها الاستخارة أيضاً، بل إن الاستخارة فيها آكد من الاستخارة في كثير من الأمور المباحة التي قد يحصل بفواتها ضررٌ قاصر، بينما الأمور الدعوية يحصل بفواتها ضررٌ متعدٍ في كثير من الحالات، ومن ذلك الاستخارة في إظهار قول أو حضور اجتماع أو كتابة بيان أو تبني حملة أو غيرها من المسائل التي تقع في الساحة الدعوية.

الفائدة التربوية الخامسة عشرة: التأني الدعوي

قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: \" إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة \" والأناة هي عدم الاستعجال في الأمر كله، وهو يحصل بفضل الله ثم بالتعلم والتأني، فالأناة محبوبة لله في الأمر كله، ومن ذلك التأني في الأمور الدعوية.

وينبغي أن يفرق بين التأني الدعوي واللامبالاة أو عدم الشعور بالمسئولية، ولئن كان الاستعجال في ردود الأفعال مظنة الزلل والخطأ؛ فإن الاستعجال في إصدار الفتاوى أيضاً مظنة الشذوذ والقصور.

وقد ثبت بالتجربة الدعوية أن كثيراً من المستجدات الدعوية تزداد مع الأيام بياناً ووضوحاً، ومعلوم أن الحكم عن الشيء فرع عن تصوره.

الفائدة التربوية السادسة عشرة: ضريبة الشهرة

ما زال أهل العلم يسطرون في مؤلفاتهم استحباب بعد الإنسان عن الشهرة، وليس السب الوحيد هو خوف العجب مع خطورة هذا المرض القلبي، وإنما لأن للشهرة ضرائب منها:

تكبير الصغيرة، وجمع السقطات، وعرض الإنسان عقله على غيره، وإبراز فعله أمام المخالفين، وتسهيل مهمة التقصد والترصد، وزيادة الحسد عند مرضى القلوب.

وهذا يجعل الداعية والمربي المشهور أن يزيد تألهه لربه في السداد والصواب، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه: \" قل اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم \" رواه مسلم.

ولا أقصد بذلك أن ينعزل الداعية عن مجتمعه والتفاعل الدعوي معه إلا أن لكل شيء ضريبة فليكن الداعية على بينة وحذر، وليتحصن بالذكاء، وليعمل فراسته أحياناً، ولا يغتر بظواهر الأمور، وليحذر من مبالغات الناس، فإن من سبر كلام الناس وجده يبنى على المبالغات في كثير من الأحيان، فمثلاً:

يصور المستفتي للداعية المنكر بصورة أعلى مما هو عليه، وأحياناً يجعل الحالة التي يريدها أشد مما هي عليه وهكذا من غير قصد للكذب، وإنما لأن الناس يختلفون في التحمل والأداء، وغالباً يكون قصدهم تفاعل المستمع مع مواضيعهم، وهذا أمر يدركه الداعية بالخبرة الدعوية والممارسة العملية في حلول المشكلات

الفائدة التربوية السابعة عشرة: مناسبة الحال والوقت

من خصائص المفتي أن يراعي حال السائل ومناسبة الوقت، وهذا باب عظيم يقوم عليه باب الإفتاء، وهو يتعاضد مع الأدلة الشرعية ولا يتعارض معها.

فكذلك الحال بالنسبة للأمور الدعوية ينبغي أن يراعي فيها حال السائل أو المدعو ومناسبة الزمن والوقت، فإن لم يكن الوقت مناسباً لإظهار أمر دعوي أو رأي خاص فلا يخرجه الداعية.

وهذا مما ينبغي أن يتربى عليه الداعية من خلال قوته العلمية بالإضافة إلى مخالطة الناس والدخول إلى عمق مشكلاتهم والمشاركة في حلها، والإصلاح بينهم،والقرب من واقعهم.

وأختم الفوائد المستنبطة:

بأن أهل السنة أرحم الخلق بالخلق، وهم فيما بينهم أكثر تراحماً، والتماس العذر لمن أخطأ منهج نبوي، وازدراء أهل الخير والصلاح والاستهزاء بهم والنيل من أعراضهم سلوك جاهلي يدفعه هوى شيطاني، والمؤمن فطن لبيب أريب، والمسكنة لله والافتقار إليه والتضرع بين يديه يفتح للعبد أبواب السماء والإعانة الربانية، وقد قال تعالى {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} ولئن تكفل الله بالمدافعة فقد ربطها بتحقق الإيمان، وعلى قدر الإيمان تكون المدافعة الربانية، وما زالت بحمد الله هذه الزلات في محيط الندرة والقلة مع تضخيم الإعلام لها، فالله أسأل التوفيق والسداد لي ولإخواني ولمشايخنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه فضيلة الشيخ: عقيل بن سالم الشمري

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير