والآثار كثيرة جداً حتى قال الحافظ ابن القيم: ((الآثار في إخراج الذرية من ظهر آدم وحصولهم في القبضتين كثيرة لا سبيل إلى ردها وإنكارها ويكفي وصولها إلى التابعين فكيف بالصحابة؟ ومثلها لا يقال بالرأي والتخمين)) أحكام أهل الذمة 2/ 159 - 160
وقد جاء في هذا عن جمع كبير من الصحابة كعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وأبو سريحة الغفاري وابن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص وذو اللحية الكلابي وعمران بن حصين وأم المؤمنين عائشة وأنس بن مالك وسراقة بن جعشم وأبو موسى الأشعري وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وأبو ذر الغفاري ومعاذ بن جبل وهشام بن حكيم وأبو عبد لله-رجل من الأنصار-، وعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وأبو الدرداء وعمرو بن العاص وأبو أمامة الباهلي وأبو الطفيل وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين، ينظر الفطرة وحقيقتها ص522 وبعدها هذا عن الصحابة أما من التابعين ومن بعدهم من السلف فكثير جداً.
والقول الآخر في تفسير الآية لا ينفعك لأنهم يقولون أن المقصود بالقول الوارد في الآية القول بلسان الحال ونظيره من إطلاق الشهادة على شهادة لسان الحال قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} فليس –عند هؤلاء- ثمة قول بصوت أصلاً حتى يقال أنه سمع الصوت قبل أن يخلقه!! فكلا القولين لا ينفعك فيما ذهبت إليه وبتقدير أن القول الثاني ينفعك فليس القول بالتفسير الثاني أولى من الأول بل هو القول الأقوى وهو الذي عليه جمهور السلف والخلف فبطل احتجاجك على كل تقدير.
وقد أستشهد الشمالي بحكاية الله ما يحدث يوم القيامة بصورة الماضي وأجب عنها الأخ إحسان في الرد رقم21
ثم أورد حديث مسلم في سبب نزول آية رقم 258 من سورة البقرة ولم يذكر منه موضع يهدم كلامه كله فقد ذهب إلى أن الصحابة لم يقولوا "سمعنا وأطعنا" حقيقة! وأن الله قال أنهم قالوا وهم لم يقولوا شيئا!!! ولا شك أن هذا غير صحيح فقد قال الصحابة: ((سمعنا وأطعنا)) حقيقة بخلاف ما أدعى –هدانا الله وإياه-:
فقد أخرج مسلم-كتاب الإيمان باب أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق برقم 125 - وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
{لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير}
قال فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، قالوا: ((سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها
{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}
قال القرطبي في تفسيره: قيل سبب نزولها الآية التى قبلها وهى: " لله ما في السموات وما في الارض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير " فإنه لما أنزل هذا على النبي صلى الله عليه وسلم اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " فقالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ".
فلما فعلوا ذلك نسخها الله، فأنزل الله عز وجل: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ".
أما احتجاجه بالقدرة فباطل من وجهين:
الأول: أن القدرة تتعلق بالممكن أما المستحيل فلا تتعلق به فيكون قوله كقول القائل: هل يستطيع أن يستوي على العرش بلا عرش؟ وهل الله يحكمه عرشه!؟ الخ احتجاجات المبتدعة المعروفة
الثاني: هب انه جائز بالنظر لقدرة الله فهذا هو "الإمكان الذهني" وهذا لا يعني "الإمكان الخارجي"-ينظر درء التعارض ج1/ 31 - 32 و2/ 26 - 27 و358 - فضلاً عن لزومه "التحقق الخارجي" فهاهنا ثلاثة أمور لابد أن يفرق بينهما، والحاصل أنه لا بد من دليل شرعي على "وقوع" هذا أو على "إمكانه خارجاً"، وهذا على سبيل التنزل وإلا فهو ممتنع كما سبق توضيحه.
الإخ إحسان قلت: ((وليس هذا محل بحثنا من كل وجه، فماذا لو كان مثالك هكذا:
[[فلو أنك علمت أن فلاناً سيدخل عليك غاضبا فكتبت في ورقة " يا فلان رأيتك غاضبا وسمعتك تسب وتشتم فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " فتركتها له في البيت و خرجت ثم عدت فوجدته فقلتها له خطابا و بصوت؟
فهذا بالنسبة لك جائز! و بالنسبة إلى الله لا يجوز؟]]))
والصواب أن المثال الصحيح هو أن يقال:
[[فلو أنك علمت أن فلاناً سيدخل عليك غاضبا فكتبت في ورقة " إذا سب فلان وشتم ثم دخل علي فسأقول: يا فلان رأيتك غاضبا وقد سمعتك تسب وتشتم فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " فتركتها له في البيت و خرجت ثم عدت فدخل عليك فقلتها له خطابا و بصوت؟
فهذا بالنسبة لك جائز! و بالنسبة إلى الله لا يجوز؟]]))
فهل يقول من ينصف قط أن هذا قد غلط أو كذب؟
¥