ـ[نضال مشهود]ــــــــ[30 - 04 - 07, 10:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي نضال بارك الله فيك
وفيك يا أخي بارك الله وأمتع بك!
أحب أن أذكر هنا أموراً وهي:
الأمر الأول: أن قولك: إن ما نقلتُه من الفتاوى هو من كلام أبي عبد الله بن المرابط هذا قد بينتُ ذلك في نقلي لكلامه وذكرت أنه منقول عن أبي عبد الله المرابط ولم أنسبه لشيخ الإسلام، وإن كان شيخ الإسلام لم يتعقبه فيما ذكر من نقل الإجماع، وقد نقلت في النص السابق له (رقم 2) نص كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث يقول: (مذهب أهل السنة أن القرآن من صفات الله لا من مخلوقات الله) مجموع الفتاوى (17/ 76) فراجعه بارك الله فيك.
نعم. هذا واضح. وإنما غرضي التقرير أنه ليس من كلام شيخ الإسلام. لأنه إذا كان من كلام شيخ الإسلام فسوف أجمعه مع كلام البخاري في أنه من "أقوى ما نتمسك به من هذا الإطلاق" كما هو الواضح في سياق كلامي السابق. وذلك لما في كلامه رحمه الله من التحرير والضبط ما هو معروف.
الأمر الثاني: الكلام عن نقل اللالكائي هو في قوله: (القرآن من صفات الله) وأما زيادة القديمة فهذا مبحث آخر، وقد تكلم عليه أهل العلم قديماً وحديثاً وهي ليست موضع البحث هنا.
أجل! وأنا إنما أريد التنبيه على تلك النقطة المعيّنة. ولذلك قلت: ("فليس مقبول بإطلاقه، لأن إطلاق القول إن القرآن قديم من البدعة الموقعة في الالتباس"). ووقوع اللالكائي رحمه الله في إطلاق أن القرآن قديم يجعلنا لا نعتمد على إطلاقه أيضا أن القرآن "من صفات الله" إلا إذا أطلقه غيره أيضا من الأئمة الكبار أمثال مالك وأحمد والبخاري رضي الله عنهم - وقد تقدم الإقرار بأن البخاري أطلقه، لكنك جعلت كلام اللالكائي هذا في الرقم الأول من غير شيء من التنبيه، فنبهت على ذلك.
الأمر الثالث: ما ذكرته أخي من التحفظات أرجو أن تنسبها إلى أحد من السلف فالمذكور في كتبهم إطلاقها بدون هذه التحفظات المذكورة، وأما ما يرد من فهم أهل البدع فلا ينزل على الألفاظ التي تروى عن السلف بل يفصل مراد السلف إذا أورد عليه إيرادات باطلة، وإلا لزم من هذا أن كل لفظة وردت عن السلف لا نطلقها إلا وهي محاطة بالقيود والتحفظات التي يوردها أهل البدع بل ينجر الأمر بعد ذلك إلى نصوص الكتاب والسنة، وينبغي ان يفرق بين الإطلاق على سبيل التأصيل والتقعيد لمنهج أهل السنة والجماعة، وبين الإطلاق في مقام الرد على الخصوم، وكتب أهل السنة في النوعين مشهورة معروفة.
1 - إطلاق القول بأن القرآن "صفة الله" ليس عند السلف بذاك المشهور. وإنما المشهور أن القرآن "كلام الله غير مخلوق". ومناقشاتنا هنا في هذا الموضع منشئها سؤال الأخت أم عمر المبني على سلسلة هذا المنطق: "القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته. إذن، القرآن صفة من صفاته". فالذي ذكرته من التحفظات سدّ لذريعة من يسترسل في مثل هذا المنطق فيسأل مثلاً:
- "القرآن صفة الله. فهل يقال إن الله موصوف بالقرآن؟ "
- أو: "القرآن صفة الله، والقرآن منزل على البشر. فهل يقال إن شيئًا من صفات الله منزّل عن البشر؟ "
- أو: "القرآن كلام الله. والله متكلم بحروف وأصوات. فهل يقال إن القرآن حروف وأصوات؟ "
- أو: "القرآن صفة الله. وصفاته قائمة به. فهل يقال إن القرآن قائم بالله؟ "
- أو: "إن مع سهل بن سعد رضي الله عنه شيء من القرآن. والقرآن من صفات الله. وفهل يقال إن مع سهل شيئ من صفات الرحمن؟! ".
فتلك التحفظات نذكرها حتى لا ينفتح الباب للبحوث عن الإطلاقات الجديدة بكل ما فيها من الإيهام والالتباس بدعوى أنها مستنبطة مما أطلقه بعض السلف. فإنما نشأ بعض البدع لمثل هذه السبب.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله (الفتاوى الكبرى 6/ 459):
قول القائل إن القرآن حرف وصوت قائم به بدعة، وقوله إنه معنى قائم به بدعة. لم يقل أحد من السلف، لا هذا ولا هذا. وأنا ليس في كلامي شيء من البدع، بل في كلامي ما أجمع عليه السلف: أن القرآن كلام الله غير مخلوق.
¥