*?وَمَنْ أَحْسَنُ? أي: لا أحسن ممن كان هذا شأنه الدعوة إلى الله، والدعوة إلى توحيده، والدعوة إلى الإيمان به، ولهذا يؤثر عن الحسن البصري وهو من أجل التابعين -رحمه الله- أنه قرأ هذه الآية الكريمة وقال: هذا خيرة الله، هذا صفوة الله، هذا أحب عباد الله إلى الله، عرف، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، هذا خيرة الله من خلقه، هذا خليفة الله في أرضه، أي: دعوةً إلى توحيده ودينه.
*ولهذا نبه الشيخ في مسائل هذا الباب أن مما دلت عليه هذه الآية من فوائد الإخلاص في الدعوة، وأن الداعي إذا دعا يدعو إلى الله لا إلى نفسه، ليست مهمة الداعي أن يكثر أتباعه وأنصاره ومؤيديه، ويكثر الثناء عليه ومدحه، ليس هذا غرض الداعي المخلص، وإنما غرضه نفع الناس وإفادتهم، دعوة إلى الله لا إلى نفسه
*إذن لابد في الدعوة أن تكون على بصيرة، والبصيرة هي العلم، والبصيرة للقلب مثل البصر للعين، فبالعين ترى المبصرات، وببصيرة القلب ترى حقائق الأمور أو ترى الأمور على حقائقها، ولاحظ هنا الترابط، من فقد بصر العين لم يرَ المبصرات، ومن فقد البصيرة في قلبه لم يرَ الأمور على حقائقها قد يرى الحق باطلًا والباطل حقًا والسنة بدعة والبدعة سنة قد يقول على أمر بدعة: هذا من السنة؛ لأنه ما عنده بصيرة، وقد يقول عن أمر هو سنة: هذا بدعة؛ لأنه ما عنده بصيرة، فإذا لم توجد البصيرة يقع الخطأ، وتقع المخالفة، فمن يدعو فلابد أن تقوم دعوته على هذين الأصلين: أن يكون داعية إلى الله -سبحانه وتعالى- إلى توحيده وإخلاص الدين له، وأن تكون هذه الدعوة على بصيرة.
* (إنك تأتي قومًا أهل كتاب) وهذا أخذ منه أهل العلم فائدة مهمة لينبغي أن يتنبه إليها الداعية، وهي أن يكون على معرفة بحال المدعو، قال له: (إنك تأتي قومًا أهل كتاب) يعني: أنت لن تذهب الآن إلى عوام، ولن تذهب إلى أميين أو جهال وإنما حدد له من يذهب إليهم، من سيذهب إليهم أهل كتاب اليهود والنصارى، ومعنى أهل كتاب يقرؤون وعندهم علم، وعندهم قراءة، وعندهم معرفة فأنت ستذهب إلى هذا الصنف من الناس، وهذا يعني أن من يدعو ينبغي أن يكون على علم بحال من يدعوه،
*قال: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله) وهذا نأخذ منه فائدة مهمة عظيمة جدًا أن الناس على كافة مستوياتهم وجميع طبقاتهم يبدؤون بماذا؟ بالشهادتين، يعني: قضية البدء بالتوحيد، أيا كان مستوى الشخص البدء في الدعوة هو بالتوحيد، هي أول ما يُبْدَءُ به؛ ولهذا يدل هذا الحديث على فائدة مهمة هي أن التوحيد هو أول واجب على المكلف، وهو أول ما يُبْدَءُ به في الدعوة إلى الله
*الأعمال لا تقبل إلا بالتوحيد ولهذا يبدء به؛ لأنه هو الذي يصحح الأعمال، وتكون به الأعمال مقبولة.
*فائدة لطيفة من روايتي الحديث، الحديث له روايتان، إحدى روايتيه (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله) والرواية الأخرى: (أن يوحدوا الله) فماذا نستفيد بمجموع الروايتين؟ أن التوحيد هو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله، مدلول شهادة أن لا إله إلا الله هو التوحيد.
ـ[أم حنان]ــــــــ[12 - 04 - 09, 09:28 م]ـ
* قال: تفسير التوحيد. والتفسير للشيء يكون تارة لبيان المعنى الذي يحتويه اللفظ المفسر، وتارة يكون بذكر ضده؛ لأن الضد يظهر ضده وبضددها تتميز الأشياء،
* فمن وسائل التعريف والبيان ذكر الضد؛ ولذلك سلك المصنف -رحمه الله تعالى- في شرح التوحيد وبيانه هاتين الطريقتين: طريقة ذكر معاني التوحيد وحقائقه وما يدل عليه التوحيد من معنى، وأيضا بذكر الشرك وبيانه والتحذير منه.
* في شرح كتاب التوحيد لهذه الآية تيسير العزيز الحميد وفتح المجيد وغيره من كتب التوحيد نقلوا في الشرح كلمة مفيدة جدا لشيخ الإسلام ابن تيمية فيها بيان هذا الأمر وإزالة اللبس الذي قد يشكل على البعض في هذا الباب، وقد قال شيخ الإسلام في بيان هذه الآية ?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ? قال: إن هذا على نوعين: إما أن يكون اتخذوهم أحبارا ورهبانا من دون الله بطاعتهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله عن اعتقاد وإيمان، وتقديم لهم على شرع الله وحكمه، قال: هذا كفر. والنوع الثاني أن يكون هذا الفعل يقع عن نوع معصية مثلما يفعل الإنسان بقية المعاصي،
¥