*الذبح له شقان وجانبان وتقرب الإنسان بالذبيحة له جانبان: جانب الاستعانة، وجانب قصد القربة، الذي هو العبادة، وكلا الجانبين يجب أن يكون فيهما الناسك والذابح والمتقرب مخلصا لله، مخلصا في استعانته ومخلصا في عبادته، فهما جانبان، الاستعانة والعبادة، الاستعانة، من يذبح يذكر اسم الله على ذبيحته، يقول: بسم الله، والباء للاستعانة، فيذبح باسم الله، مستعينا بالله -تبارك وتعالى- متوكلا عليه معتمدا عليه، ويذبح لله،أي: يقصد بذبيحته ونسكه وجه الله، فالأول جانب الاستعانة والثاني جانب العبادة وكلاهما يجب أن يكون العبد فيهما مخلصا لله -سبحانه وتعالى- فيذبح بسم الله ويذبح لله قاصدا بذبيحته وجه الله، فمن ذبح بغير اسم الله أشرك بالاستعانة، ومن ذبح لغير الله أشرك في العبادة
?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ?2?
*وهذه الآية جمع فيها بين الصلاة والنحر، والصلاة أفضل العبادات البدنية، والنحر من أفضل العبادات المالية، وفيهما من التذلل والخضوع والانكسار وطلب الثواب ورجاء رحمة الله ومغفرته فيهما معاني عظيمة جدًا.
* والأمر الثالث: قال: (لعن الله من آوى مُحْدِث) محدث شخص مرتكب لحد يستحق به العقوبة فيأويه إنسان ويحول بينه وبين أن يعاقب، فيؤويه، ويروى مُحْدَثاً من (آوى محدث) أي أمراً محدَثا أي: مبتدعا (من آوى محدث) أي: أمراً محدثا مبتدعا، وليس شخصاً (آوى محدث) أي: نصر البدعة وحماها وآذرها، وسعى في بقائها، فهذا أيضاً عرضة لهذا اللعن (لعن الله من آوى محدث).
* لكن هنا قال: (دخل رجل النار في ذباب) يعني بسببه، إذن هو كان مسلما، وانتقل من الإسلام إلى الكفر بماذا؟ بسبب الذباب، فإذا كان انتقل من الإسلام إلى الكفر بسبب الذباب فكيف بمن ينتقي أطيب الدواب، وأجود الماشية وأحسنها ويذهب بها إلى من يتقرب إليهم من قباب وقبور أو أضرحة أو غيرها ويذبحها عنده، إذا كان في ذباب ذبحها لغير الله دخل النار، والذباب من أحقر الحيوانات، فكيف بمن ينتقي أفضل الدواب وأطيب الماشية وأحسنها ويقدمها قربة إلى قبر أو ضريح أو أيا كان، أيا كان لأن الذبح عبادة لا تصرف إلا لله -سبحانه وتعالى.
*الرجل الأول الذي دخل النار كما قلت لكم إما أنه رجل مستعد ومستجيب لكن ما عنده شيء يقربه فهذا الأمر فيه واضح وإما أنه مكره، فإذا كان مكرها فكيف يقال إنه دخل النار في ذباب وهو فعل ذلك مكرها؟!
ولهذا فيه كلام جميل جدًا أحيل الإخوة الطلاب على أضواء البيان عند كلامه على هذه الآية، حقق هذه المسألة وأورد هذا الحديث وبين أنه لا إشكال في كونه مكره؛ لأن هذا في شريعة من قبلنا لا يعذر، ومن رحمة الله -عز وجل- بهذه الأمة أنه رفع عنهم ذلك، وإذا أكره فهو يعذركما قال تعالى: ?إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ? [النحل: 106
(باب لا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله) فالمكان الذي يعبد فيه غير الله لا يذبح فيه حتى لله على وجه الإخلاص لماذا؟ لأن هذا ذريعة للباطل ومشابهة لأهل الباطل في صورة العمل، فمن المعروف أن هذا المكان يذبح فيه لغير الله فمن جاء إلى المكان نفسه وذبح وهو بينه وبين نفسه يريدها قربة لله شابه أهل هذا الباطل وأيضًا أحيى الباطل في صورته، وإن كان هو في نيته مخالف لذلك ولا يريد الشرك، فهذا لا يجوز، لا يجوز الذبح لله في مكان يعبد فيه غير الله، واستدل المصنف لذلك بقول الله تعالى: ?لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا? [التوبة: 108
*التبرك بآثار الرسول -صلى الله عليه وسلم- قسمها أهل العلم إلى قسمين كما ذكر الأخ الكريم في سؤاله الآثار المتصلة والآثار المنفصلة، وأولاً فيما يتعلق بالآثار عمومًا، أعظم ما ينبغي أن يعتني به المسلم ويهتم به في هذا الباب، العناية بآثار النبي -صلى الله عليه وسلم- التي هي دينه الذي دعى العبادة إليه، دين الله -جل وعلا- دين النبي محمد آثاره، فهذه الآثار التي هي اتباع سنته والتزام هديه وتحقيق محبته باتباعه والانقياد لأوامره.
* التبرك بآثاره وهذا ثابت في أفعال الصحابة بإقرارهم كانوا يتبركون بريقه، ويتبركون ببصاقه -عليه الصلاة والسلام- وبشعره لما حلق شعره -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع قسم شعره بين الصحابة، وهذا أمر خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا لم يثبت أنه كان يفعل مع أحد من الصالحين غير ما ثبت في حقه -عليه الصلاة والسلام- وهذا من خاصته وهذا أمر دلت السنة على فعله
* وقضية التبرك بالآثار آثار النبي -عليه الصلاة والسلام- المتصلة به هذا أمر ثابت ودلت عليه النصوص وفعله الصحابة ولكن قبل أن يدخل الإنسان في شيء من ذلك ما يدخل في أمور يقال، وقيل، يستثبت، يعني هات دليل أن هذه شعرته -عليه الصلاة والسلام- إذا كان هناك أحاديث كثيرة جدًا تنسب إليه وبين أهل العلم أنها غير صحيحة، فلا نقبل حديثا بمجرد أن نجد قبله قال رسول الله، هذا لا يكفي -عليه الصلاة والسلام- حتى نتحقق من ثبوت إسناده إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وأيضًا لما يؤتى بشعرة أو بأثر ويقال هذا أثر النبي -عليه الصلاة والسلام- ما الدليل؟
الذبح كما مر معنا الذبح لغير الله شرك، الذبح لغير الله شرك والذبح عند القبر إن كان أتى بذبيحته متقربا بها لصاحب القبر فهذا شرك، وإن كان أتى بذبيحته متقربا بها لله، واختار هذا المكان فهذا عمل باطل وهو من ذرائع الشرك، مثل الصلاة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تصلوا إلى القبور) فالذي يصلي لله عند القبر صلاته هذه ليست شركا لكنها ذريعة للشرك
¥