تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجواب على هذا: أولا / أن الخلاف بين الصحابة -- رضي الله عنهم -- في عهد علي -- رضي الله عنه -- لم يكن في الخلافة، فإن الذين اختلفوا مع علي -- رضي الله عنه -- هم: طلحة، والزبير، وعائشة، ومعاوية -- رضي الله عنهم --، ولم يكن هؤلاء ينازعونه في الخلافة بل لم يَدَّعِ أحد لامن هؤلاء ولا من غيرهم، أنه أولى بالخلافة بعد مقتل عثمان -- رضي الله عنه -- من علي؛

ثالثا / أن الخلاف بينهم إنما هو في تعجيل قتل قتلة عثمان أو تأخيره، مع اتفاقهم على وجوب تنفيذ ذلك.

ثالثا / أنهم مع اختلافهم لم يتهم بعضهم بعضاً

في الدين، وإنما يرى كل فريق منهم أن مخالفه مجتهد متأول، يعترف له

بالفضل في الإسلام، والصحبة لرسول - صلى الله عليه وسلم -.

... وهذه مسائل عظيمة، دلت عليها الأخبار الصحيحة. وفيها توضيح لحقيقة الخلاف بين الصحابة وتبرئة لساحتهم من كل مايرميهم به الرافضة والزنادقة، وهي أصل كبير في الرد على هؤلاء ينبغي لطالب العلم أن يتعلمها بأدلتها، وإليك أيها القارئ بسط الأدلة على تقريرها:

... المسألة الأولى: أن الخلاف الذي حصل بينهم لم يكن في الخلافة، ولم ينازع علياً أحد من مخالفيه فيها، ولم يدع أحد منهم أنه أولى بها من علي -- رضي الله عنه --.

... ومن أقوى الأدلة، وأكبر الشواهد على هذا: اجتماع الصحابة -- رضي الله عنهم -- على مبايعته بالخلافة بعد مقتل عثمان -- رضي الله عنه -- بما فيهم طلحة والزبير -رضي الله عنهما-، وقد دلت على ذلك الروايات الصحيحة المنقولة عنهم في ذلك.

... منها مارواه الطبري في تاريخه بسنده إلى محمد بن الحنفية، قال: «كنت مع أبي حين قتل عثمان -- رضي الله عنه -- فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحداً أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة، ولا أقرب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً، خيرٌ من أن أكون أميراً، فقالوا: لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خَفِيّاً ولا تكون إلا عن رضا المسلمين.

قال سالم بن الجعد، فقال عبدالله بن عباس: فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشْغَب عليه، وأبى هو إلا المسجد، فلما دخل دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس». (1)

... وعن أبي بشير العابدي قال: «كنت بالمدينة حين قتل عثمان -- رضي الله عنه -- واجتمع المهاجرون والأنصار فيهم طلحة والزبير فأتوا علياً، فقالوا: يا أبا الحسن هلم نبايعك، فقال: لا حاجة لي في أمركم أنا معكم، فمن اخترتم فقد رضيت به، فاختاروا والله، فقالوا: ما نختار غيرك .... » (2) الخ الرواية، وفيها تمام البيعة لعلي-- رضي الله عنه --.

... والروايات في هذا كثيرة ذكر بعضها ابن جرير في تأريخه (3)

وهي دالة على مبايعة الصحابة -- رضي الله عنهم -- لعلي -- رضي الله عنه -- واتفاقهم على بيعته بما فيهم طلحة والزبير، كما جاء مصرحاً به في الرواية

السابقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

ولقد ذهب علي رضي الله عنه إلى بيت عبد الله بن بديل الخزاعي لزيارة عائشة و الاطمئنان عليها فقال لها: غفر الله لكِ، قالت: ولك ما أردت إلا الإصلاح بين الناس. شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 206). و نقل الزهري في المغازي (ص154) قولها: إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، و لم أحسب أن يكون بين الناس قتال، و لو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً. و لو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً. و هذا هو الصحيح بخلاف من قال بأن عائشة نزلت في بيت عبد الله بن خلف الخزاعي.

ثم قام علي بتجهيز عائشة و إرسالها إلى مكة معززة مكرمة، و هذا الفعل من علي رضي الله عنه يعد امتثالاً لما أوصاه به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج الإمام أحمد في المسند (6/ 393) بسند حسن من حديث أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنه سيكون بينك و بين عائشة أمر، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها.

الشبهة الخامسة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير