تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالقول بأن لله يدين ظاهر المعنى لا يحتاج إلى استقصاء ولهذا صرح الصحابة والتابعون بذكر اليدين في معرض كلامهم و مواعظهم دون أن يروا بأن ذلك تكلف في الاستنباط مما لا يدركه عوام الناس وكذلك الحال بالنسبة لصفة العينين فلو كانوا يعتقدون ثبوتها لصرحوا بالتثنية في معرض كلامهم دون أن يروا بأن في ذلك تعمق و تكلف على فهوم العامة لأن أمر تثنية الصفة ظاهر واضح فإذا ثبت تكلم به العامي و العالم و صرح به وهذا هو الفرق بين صفة تثنية العينين و بين ما تكلم فيه أحمد في رده على الجهمية.

و بالنسبة لمسألة اللغة فكذلك اطلعت ايضا قبل أن أتكلم كما اطلعت أنت و قد وجدت أن كلمة عور و عوار تطلق على معانٍ كثيرة حتى قال بعض أهل اللغة أنها تطلق على الأحول و على الغراب و على الرجل الناقص الأخلاق و على البئر المطمورة و تجد هذا في المعاجم و سبق أن سقت ما يكفى للاستشهاد على ما عنيث وهو قول صاحب لسان العرب:

ومنه قول الشاعر:

فجاء إليها كاسرا جفن عينه فقلت له من عار عينك عنتره؟

يقول من أصابها بعوار؟. انتهى

ففي هذا دليل واضح أن صفة " العور " تطلق على " مفرد العين " أي أن كل عين طافية هي عين عوراء و لو كانت صفة العوار تطلق على البصر كافة للزم اطلاق صفة العور على البصر أو العينين فلا يقال " عين عوراء " و نظير ذلك قوله " رجل أعرج " و " قدم عرجاء " فكذلك يطلق على البعير بأنه أعرج مع أن له أكثر من رجلين اثنتين لأن صفة " العرجه " تطلق على العضو نفسه وليس على مجمل منفعته وهي المشي على قدمين.

وكتب اللغة طافحة بمعانٍ كثيرة لكلمة " عور " أنقل بعضها من اللسان (4/ 612):

" (عور) العور ذهاب حس إحدى العينين وقد عور عورا وعار يعار واعور وهو أعور صحت العين في عور لأنه في معنى ما لا بد من صحته وهو أعور بين العور والجمع عور وعوران وأعور الله عين فلان وعورها وربما قالوا عرت عينه وعورت عينه واعورت إذا ذهب بصرها "

" الأزهري رأيت في البادية امرأة عوراء يقال لها حولاء قال والعرب تقول للأحول العين أعور وللمرأة الحولاء هي عوراء ويسمى الغراب عويرا على ترخيم التصغير قال سمي الغراب أعور ويصاح به فيقال عوير عوير وأنشد وصحاح العيون يدعون عورا وقوله أنشده ثعلب ومنهل أعور إحدى العينين بصير أخرى وأصم الأذنين فسره فقال معنى أعور إحدى العينين أي فيه بئران فذهبت واحدة فذلك معنى قوله أعور إحدى العينين وبقيت واحدة فذلك معنى قوله بصير أخرى وقوله أصم الأذنين أي ليس يسمع فيه صدى قال شمر عورت عيون المياه إذا دفنتها وسددتها وعورت الركية إذا كبستها بالتراب حتى تنسد عيونها وفلاة عوراء لا ماء بها وعور عين الراكية أفسدها حتى نضب الماء وفي حديث عمر وذكر امرأ القيس فقال افتقر عن معان عور العور جمع أعور وعوراء وأراد به المعاني الغامضة الدقيقة وهو من عورت الركية وأعرتها وعرتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء "

وفي قوله " عورت عيون المياه إذا دفنتها وسددتها وعورت الركية إذا كبستها بالتراب حتى تنسد عيونها " دليل على أن صفة العوار تطلق على الشيء الذي له أكثر من عين عند ذهاب أكثر أعينه أو كلها حيث قال " حتى تنسد عيونها " ولو كانت صفة العوار في اللغة لا تطلق الا على الذي فقد عينا من عينين سواء كانت حقيقية أو مجازية لما جاز قولهم هذا.

وفي نفس المصدر قال:

" وعائر العين ما يملؤها من المال حتى يكاد يعورها وعليه من المال عائرة عينين وعيرة عينين كلاهما عن اللحياني أي ما يكاد من كثرته يفقأ عينيه وقال مرة يريد الكثرة كأنه يملأ بصره قال أبو عبيد يقال للرجل إذا كثر ماله ترد على فلان عائرة عين وعائرة عينين أي ترد عليه إبل كثيرة كأنها من كثرتها تملأ العينين حتى تكاد تعورهما أي تفقؤهما "

ففي هذا دليل على أن العرب تطلق لفظ عار بمعنى فقأ عين عوراء أي مفقوءة حيث قال كما في النقل السابق " حتى تكاد تعورهما أي تفقؤهما "

فيجوز وصف العينين المفقوئتين بأنهما عوراوين فإن جاز ذلك مع ذهاب كل البصر جاز ذلك مع ذهاب بعضه و بقاء بعض لمن كان له أكثر من عين كما نقلت في اطلاق العور على الطمر للبئر.

و في المصدر نفسه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير