و لكن طريقة اثبات الشهرة بأسانيد الموضوعات و الاثار الساقطة طريقة سقيمة حتى و إن اتخذها ابن تيمية رحمه الله ذريعة لاثبات اشتهار فناء النار بين التابعين حيث قال كما في ص 9 , 10 من تحقيق كشف الأستار:
" قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية - رحمه الله تعالى - في رسالة في الرد على من قال بفناء الجنة والنار ما نصه:.
(وأما القول بفناء النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف والنزاع في ذلك معروف عن التابعين ومن بعدهم وهذا أحد المأخذين في دوام عذاب من يدخلها.
فإن الذين يقولون: أن عذابهم له حد ينتهي إليه ليس بدائم كدوام نعيم الجنة قد يقولون: إنها قد تفنى وقد يقولون: إنهم يخرجون منها فلا يبقى فيها أحد.
لكن قد يقال: إنهم لم يريدوا بذلك أنهم يخرجون مع بقاء العذاب فيها على غير أحد.
وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم.
وروى عبد بن حميد - وهو من أجل علماء الحديث - في تفسيره المشهور قال:.
(أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن البصري قال: قال عمر: (لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج (1) لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه).
وقال: أخبرنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن: أن عمر بن الخطاب قال: (لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه). ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى: {لابثين فيها} (2).
هؤلاء الأئمة في الحديث والسنة مثل سليمان بن حرب الذي هو من أجل علماء السنة والحديث ومثل حجاج بن منهال كلاهما عن حماد بن سلمة - مع جلالته في العلم والسنة والدين - يروي من وجهين من طريق ثابت ومن طريق حميد هذا عن الحسن البصري - الذي يقال: أنه أعلم من بقي من التابعين في زمانه - يروى عن عمر بن الخطاب وإنما سمعه الحسن من بعض التابعين سواء كان هذا قد حفظ هذا عن عمر أو لم يحفظه كان مثل هذا الحديث متداولا بين هؤلاء العلماء الأئمة لا ينكرونه وهؤلاء كانوا ينكرون على من خرج عن السنة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة والجهمية وكان أحمد بن حنبل يقول: أحاديث حماد بن سلمة هي الشجا (1) في حلوق المبتدعة.
فهؤلاء من أعظم أعلام أهل السنة الذي ينكرون من البدع ما هو دون هذا لو كان هذا القول عندهم من البدع المخالفة للكتاب والسنة والإجماع كما يظنه طائفة من الناس وعبد بن حميد ذكر هذا في تفسير قوله تعالى: {لابثين فيها أحقابا} (2) ليبين قول من قال: أن الأحقاب لها أمد تنفد ليست كالرزق الذي ما له من نفاد. "
و تجد بقية كلامه رحمه الله هناك.
فهذا الكلام لا تثبت به العقيدة و الا فقد روى مسلم في صحيحة من طريق الثقات: " رجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لا تعلم يمينه ماتنفق شماله " مع أن الشيطان يعطي بشماله و يأخذ بشماله!! ولو أنكر مسلم ذلك أو من نقل عنه ذلك لما رواه و لكنه تحقق من صحة السند فروى ذلك فهل نقول هذا هو قول مسلم و من سبقه في سند الحديث , جواز الأخذ و الاعطاء بالشمال؟؟ هذا غير حديث ابي هريرة المقلوب الذي فيه أن النار يفضل فيها مكان فيخلق الله خلقا يجعلهم فيه!! فكلها رويت في كتب معتمدة ولو كان أصحابها يرون أهل زمانهم يبدعون من يقول بذلك لما أثبتوها في كتب هم أخرجوها للناس ليعبد الله بها بل أن مسلم اشترط في كتابه الصحة!.
كذلك تفسير ابن جرير فإن ما يقارب من ثلاثة أرباعه من طريق رجل كذاب أظن اسمه ابن حميد كذبه أبو زرعة الرازي و قد رواه ابن جرير و لم يعلق على مافيه من طوام و لم يتكلم العلماء عن كثير منها و يكتفون بنقد السند فمن أسند فقد برأت ذمته و الأثر المروي عن عمر منقطع بينه و بين الحسن و الحسن رحمه الله يأخذ من كل مقبل و مدبر كما قيل و إن قال ابن مفلح في الفروع في كتاب الحج بأن أحمد قال مراسيل الحسن لا نجدها الا صحيحة و اختار ذلك بن مفلح فالمستقر عند أهل الحديث غير ذلك.
المعنى من كل هذا أن الحجة في النصوص و ليس في " عراقيب النصوص " التي تقوم عليها ,هذا ما تعلمناه و ما وجدنا عليه أهل العلم.
ليس لدي جديد بعد هذا بارك الله فيك و أظني أطلت و أمللت.
وفقني الله و إياك
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[28 - 12 - 07, 05:09 م]ـ
أخي الكريم. . . صدقت في أنك قد أطلت وأمللت، فالله حسبك وحسيبك.
لكنه مع الأسف الشديد: إطالة في غير ما طائل.
نحن أبدا لا نطالبك بإيجاد أثر عن الصحابة والتابعين فيه إضافة العين المطلق لله، فمثل هذا موجود في التنزيل، فليس وروده عن الصحابة بأولى من وروده عن ربهم سبحانه. وليس لنا في هذا أدنى خلاف. وإنما الخلاف في "إنكار من أطلق التثنية"
فهذا الإمام الدارمي أطلق التثنية، بل حكى فهمه هذا عن (الناس) عامة، ولا منكر له من الأئمة؛
وهذا ابن خزيمة قد أطلق التثنية، ولا منكر له من الأئمة - مع إنكارهم له في تأويله صفة الصورة؛
وهذا الأشعرى، وهذا اللالكائي، وهذا أبو عمرو الداني، وهذا الهروي، وهذا ابن قتيبة. . .
بل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه النجيب ابن القيم لا ينكران على إطلاق التثنية مع كثرة بحوثهما في دقائق العقائد.
فأين سلفك في "الإنكار" من الأئمة؟
لا تقل لنا: ابن حزم والسهيلي، فليس كلامهما في أساس هذا الأمر بمستقيم.
يعنى: أننا كلنا متفقون على إقرار من قال إن لله عينا - بهذا الكلام المطلق.
ومتفقون على إنكار من قال إن لله تعالى عينا واحدة لا أكثر،
ومتفقون على إنكار من قال إن لله أعينا كثيرة تزيد عن الاثنين،
وإنما الخلاف بيننا وبينك:
أننا أقررنا كذالك أو وافقنا أو سوّغنا من أطلق التثنية على عين الله تعالى،
في حين أنك - وفقك الله - تنكرهم. فأين سلف لإنكارك هذا وأين سنده من النقل والعقل واللغة؟
ولو بقيت في مجرد التوقف والتورع من غير إنكار للأئمة لما كان بيننا وبينك كبير خلاف.
¥