ورروا عنه أيضا أنه قال لسلمان: (أنا أحيي الموتى , وأعلم ما في السماوات والأرض , وأنا الكتاب المبين , يا سلمان , محمد مقيم الحجة , وأنا حجة الحق على الخلق , وبذلك الروح عرج به إلى السماء , أنا حملت نوحا في السفينة , أنا صاحب يونس في بطن الحوت , وأنا الذي حاورت موسى في البحر , وأهلكت القرون الأولى , أعطيت علم الأنبياء والأوصياء , وفصل الخطاب , وبي تمت نبوة محمد , أنا أجريت الأنهار والبحار , وفجرت الأرض عيونا , أنا كاب الدنيا لوجهها , أنا عذاب يوم الظلمة , أنا الخضر معلم موسى , أنا معلم داود وسليمان , أنا ذو القرنين , أنا الذي دفعت سمكها بإذن الله عز وجل , أنا دحوت أرضها , أنا عذاب يوم الظلمة , أنا النادي من مكان بعيد , أنا دابة الأرض , أنا كما يقول لي رسول الله (ص): أنت يا علي ذو قرنيها , وكلا طرفيها, ولك الآخرة والأولى , يا سلمان إن ميتنا إذا مات لم يمت , ومقتولنا لم يقتل , وغائبنا لم يغب , ولا نلد ولا نولد في البطون , ولا يقاس بنا أحد من الناس , أنا تكلمت على لسان عيسى في المهد , أنا نوح , أنا إبراهيم , أنا صاحب الناقة , أنا صاحب الرجفة , أنا صاحب الزلزلة , أنا اللوح المحفوظ , إليّ إنتهى علم ما فيه , أنا أنقلب في الصور كيف شاء الله , من رآهم فقد رآني , ومن رآني فقد رآهم , ونحن في الحقيقة نور الله الذي لا يزول ولا يتغيّر).
ورووا عن جعفر بن الباقر أنه قال:
(أنا من نور الله , نطقت على لسان عيسى بن مريم في المهد , فآدم وشيث ونوح وسام وإبراهيم وإسماعيل وموسى ويوشع وعيسى وشمعون ومحمد كلنا واحد , من رآنا فقد رآهم ... أنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق, وأبرئ الأكمه والأبرص , وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي , وكذلك الأئمة المحقون من ولدي لأنا كلنا شيء واحد).
وذكروا عن راشد الدين بن سنان السوري الداعي الإسماعيلي أنه قال:
(ظهرت بدرو نوح فغرقت الخلائق ... وظهرت في دور إبراهيم على ثلاث مقالات ... خرقت السفينة , وقتلت الغلام , وأقمت الجدار , .. ثم ظهرت بالسيد المسيح , فمسحت بيدي الكريمة عن أولادي الذنوب , وكنت بالظاهر شمعون – إلى آخر الهفوات والخرافات).
فهذه الروايات تدل صراحة على إعتقاد القوم بالحلول والتناسخ , وأن أئمتهم خلقوا من نور الله الذي لم يتغير ولم يتبدل , ولكن هذا النور كان يحل في أجسام مختلفة في أزمنة مختلفة , وكان يلبس ألبسة متنوعة متفرقة , فبذلك الجسد واللباس كان يسمّى بتلك الأسماء , فتارة بآدم , وتارة بنوح , وتارة بإبراهيم , وتارة بموسى , وتارة بعيسى , وتارة بمحمد , مع أن هذا النور كان بجوهره واحدا.
فهذا عين ما قالته الصوفية حيث سمّوا ذلك النور الأزلي , والجوهر الأصلي الحقيقة المحمدية والصورة المحمدية , فهذه الحقيقة هي التي كانت تتجلى في أجسام مختلفة , وتنادي بذلك الاسم , فاختلف أسماؤها حسب الزمان والأجساد , مع أنها كانت واحدة , كما يقول الجيلي:
(أعلم حفظك الله أن الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره , وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين , ثم له تنوع في ملابس ويظهر في كنائس , فيسمى به باعتبار لباس , ولا يسمى به باعتبار لباس آخر , فاسمه الأصلي الذي هو له محمد , وكنيته أبو القاسم , ووصفه عبد الله , ولقبه شمس الدين , ثم له باعتبار ملابس أخرى أسام , وله في كل زمان اسم ما يليق بلباسه في ذلك الزمان , فقد اجتمعت به صلى الله عليه وسلم وهو في صورة شيخي الشيخ شرف الدين إسماعيل الجبرتي , ولست أعلم أنه النبي صلى الله عليه وسلم , وكنت أعلم أنه الشيخ , وهذا من جملة مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين وسبعمائة , وسر هذا الأمر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة , فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه , وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد , فلا يسميه إلا باسم تلك الصورة , ثم لا يوقع ذلك الاسم إلا على الحقيقة المحمدية , ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه قال الشبلي لتلميذه: أشهد أني رسول الله , وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه , فقال: أشهد أنك رسول الله , وهذا أمر غير منكور , وهو كما يرى النائم فلانا في
¥