ومن رآني ورأى من رآني وحضر مجلسي في جنة عدن وبستانها قد أسكنته).
وذكر فريد الدين العطار عن أبي يزيد البسطامي أنه سئل عن العرش والكرسي فقال:
(أنا العرش والكرسي , وقال: أنا إبراهيم , وأنا موسى , وأنا محمد).
وهذا عين مارواه الشيعة أنفسهم عن عليّ رضي الله عنه أنه قال:
(أنا اللوح , وأنا القلم , وأنا العرش , و أنا الكرسي , وأنا السماوات السبع , وأنا الأسماء الحسنى , والكلمات العليا).
والجدير بالذكر أن الصوفية ينقلون لبيان معتقداتهم نفس الروايات الموضوعة المكذوبة التي يرويها الشيعة عن عليّ رضي الله عنه وأولاده.
فمثلا يروي الشعراني ومحمد الرفاعي وغيرهما عنه رضي الله عنه أنه كان يقول في خطبته على رؤوس الأشهاد:
(أنا نقطة بسم الله , أنا جنب الله , الذي فرطتم فيه , أنا القلم وأنا اللوح المحفوظ , وأنا العرش وأنا الكرسي , وأنا السماوات السبع والأرضون).
مَرَاتِبُ الصّوفيَّة
وأما مراتب الصوفية , التي وضعوها لبيان طبقات المتصوفة ومكانتهم , وقدرتهم واختيارهم على الخلق , وأعدادهم , وهم حسب كلام لسان الدين بن الخطيب:
(خواصّ الله في أرضه , ورحمة الله في بلاده على عباده: الأبدال , والأقطاب , والأوتاد , والعرفاء , والنجباء , والنقباء , وسيدهم الغوث).
ولدى الهجويري هم: (أهل الحل والعقد , وقادة حضرة الحق جل جلاله , فثلاثمائة يدعون الأخيار , وأربعون آخرون يسمون الأبدال , وسبعة آخرون يقال لهم: الأبرار , وأربعة يسمون الأوتاد , وثلاثة آخرون يقال لهم: النقباء , وواحد يسمى القطب والغوث.
وهؤلاء جميعا يعرفون أحدهم الآخر , ويحتاجون في الأمور لإذن بعضهم البعض).
ومثل ذلك ذكرهم الجرجاني في تعريفاته:
(القطب , وهو الغوث: عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان ومكان , وهو على قلب إسرائيل عليه السلام.
الإمامان: هما شخصان , أحدهما عن يمين الغوث ونظره في الملكوت , والآخر عن يساره , ونظره في الملك , وهو أعلى من صاحبه , وهو الذي يخلف الغوث.
الأوتاد: عبارة عن أربعة رجال منازلهم على منازل أربعة أركان من العالم: شرق وغرب وشمال وجنوب , مع كل واحد منهم مقام تلك الجهة.
البدلاء: هم سبعة , ومن سافر من القوم من موضعه وترك جسدا على صورته حتى لا يعرف أحد أنه فقد , فذلك هو البدل لا غير , وهم على قلب إبراهيم عليه السلام.
النجباء: أربعون , وهم المشغولون بحمل أثقال الخلق فلا يترفون إلا في حق الغير.
النقباء: هم الذين استخرجوا خبايا النفوس , وهم ثلاثمائة).
وهذا الترتيب مأخوذ عن ابن عربي في فتوحاته كما قال:
(والمجمع عليه من أهل الطريق أنهم على ست طبقات أمهات: أقطاب , وأئمة , وأوتاد , وأبدال , ونقباء , ونجباء).
ومثل ذلك ورد في (الوصية الكبرى) لشيخ العروسية عبد السلام الفيتوري.
وفي (جامع الأصول في الأولياء) للكمشخانوي.
وفي (طبقات السلمي) للسلمي.
ولا بأس في إيراد عبارة داود بن محمود القيصري ههنا , لما فيها من زيادة توضيح لها الأمر , فيقول:
(ولهم مراتب. الأولى مرتبة القطبية , ولا يكون فيها أبداً إلا واحد بعد واحد , ويسمى غوثا , لكونه مغيثاً للخلق في أحوالهم. ثم مرتبة الإمامين , وهما كالوزيرين للسلطان. أحدهما صاحب اليمين , وهو المتصرف بإذن القطب في عالم الملكوت والغيب , وثانيهما صاحب اليسار , وهو المتصرف في عالم الملك والشهادة. وعند إرتحال القطب إلى الآخرة , لا يقوم مقامه , منهما و إلا صاحب اليسار , لكونه أكمل في السير من صاحب اليمين: لأنه , بَعْدُ , ما نزل في السير من عالم الملكوت إلى عالم الملك , وصاحب اليسار نزل إليه , وكملت دايرته في السير والوجود. ثم مرتبة الأربعة , كالأربعة من الصحابة , رصي اله عنهم أجمعين! ثم مرتبة البدلاء السبعة , الحافظين للأقاليم السبعة. وكل منهم قطب للإقليم الخاص به. ثم مراتب الأولياء العشرة , كالعشرة المبشرة. ثم مراتب الإثني عشر , الحاكمين على البروج الإثني عشر , وما يتعلق بها ويلزمها من حوادث الأكوان. ثم العشرين والأربعين والتسعة والتسعين , مظاهر الأسماء الحسنى , إلى الثلاثمائة والستين.
¥