ـ[أبو يحيى الكندي]ــــــــ[19 - 04 - 07, 03:23 ص]ـ
أخي الفاضل محمد, أشكر لك أدبك في الطرح و هذا بلا شك نقاش نافع بناء بإذن الله ..
أخي الكريم, سأرد على نقاطك واحدة تلو الأخرى, لكن ينبغي أن أوضح بعض الأمور في البداية حتى لا تختلط علينا الأمور و بعد ذلك يمكننا العودة إلى النقاش الرئيسي.
العلاج النفسي له أنواع متعددة, فهناك:
1. الطب النفسي: و هو من تخصصات الطب بمعنى أن الطبيب النفسي لابد أن يتخرج من كلية الطب و أن يدرس الطب العام كأي طبيب ثم بعد ذلك يتخصص في الطب النفسي كما يتخصص غيره في الجراحة, الولادة, أنف و حنجرة, الخ الخ .. تبنى تطبيقات الطب النفسي على الافتراض أن الاضطرابات النفسية لها أساس بيولوجي أكثر من أي سبب آخر (طبعا لا ينفي الطب النفسي أبدا مدى أهمية العوامل النفسية, لكن التركيز يكون أكثر على الجسم) و لهذا فإن أغلب الأطباء النفسيين يكون تعاملهم مع أناس سبب اضطرابهم يبدو بيولوجيا أكثر من كونه نفسيا فعلى سبيل المثال مرضى الوسواس القهري (و هذا موضوع شيق جدا و له أصول شيقة في تراثنا الإسلامي) و اضطرابات الفصام و بعض اضطرابات الاكتئاب الشديدة.
2. التحليل النفسي: و هو النوع الذي بني على مدرسة سيغموند فرويد و في الحقيقة أن مدرسة التحليل النفسي هذه تغيرت كثيرا و تغيرت أطروحاتها و أساسياتها عن تلك التي تبناها فرويد حتى أصبحت نظرياته الأولى لا تزن الكثير في الميزان العلمي و طرأ التغيير و التعديل على معظم أطروحاته و أطروحات تلاميذه. و في الحقيقة ينفي الكثير من التحليليين كون هذا الأسلوب من أنواع العلاج بل يزعمون أن الكثير من الناس بحاجة إلى تحليل نفسي و على أية حال فأنا لا أريد التفصيل في هذا الأمر لأنه ليس موضوعنا.
3. العلاج المعرفي السلوكي: و هو علاج يفترض أن بعض الاضطرابات النفسية سببها طريقة التفكير بشكل عام (و فيها تفاصيل كثيرة لا أود مناقشتها هنا) , و هو علاج نافع أيضا مع بعض مرضى الوسواس القهري و الاكتئاب.
4. العلاجات النفسية الإرشادية: و تندرج تحته أنواع كثيرة جدا, و هي للحالات الأقل صعوبة و خطرا .. و فيها تفاصيل كثيرة أيضا لا أريد الخوض فيها.
بالنسبة لعلم النفس بشكل عام فهو كباقي العلوم الاجتماعية (اقتصاد, علوم سياسية, علم اجتماع) , يعتمد على الكثير من النظريات و التي تكون في أغلب الحالات نظريات غير مبنية على حقائق و لهذا فالغرب نفسه يتعامل مع هذه النظريات كشيء قابل للتعديل دائما. لكن بلا شك أن علم النفس قدم الكثير من الأمور النافعة و العملية و الأمثلة على هذا كثير و ليس هذا محل ذكرها ..
أما أحوال المرضى النفسينن عافانا الله و إياك و أنها تزداد سوءا مع الجلسات فهذا تعميم لا يصح, لأن ليس كل المرضى تتم معالجتهم عن طريق "الجلسات" و كما ذكرت في البداية فهناك الكثير من أنواع العلاج.
و لقد رأيت بنفسي و قرأت عن الكثير ممن تحسنت حالاتهم بعد العلاج النفسي, و أرى في رأيي المتواضع أن حقيقة الأمراض النفسية ما زالت غامضة عند عامة الناس و ذلك لقلة ثقافتهم بهذا الأمر و لقد سعدت كثيرا عندما قدم الشيخ سلمان العودة حفظه الله سلسلة من الحلقات في برنامجه الأسبوع عن الأمراض و الاضطرابات النفسية و أدعوك لسماعه على موقعه لأنه كلام من رجل عالم يتكلم على أسس شرعية قوية و بدا لي من كلامه أن فهمه للأمراض و الاضطرابات النفسية قوي, و مبني على بحث و دراسة و مراجعة ..
بالنسبة للعلاج الكهربائي فهذا يندر وجوده كثيرا لكن للأسف الإعلام ركز عليه كثيرا حتى ظن الناس أنه هو العلاج الأكثر استخداما!
أما العلاج بالأدوية, فهو ليس لكل الحالات و أنا لا أنكر وجود بعض التجاوزات لبعض الأطباء إذ يقدمون وصفات أدوية أكثر من اللازم. لكن على أي حال, هناك بعض الاضطرابات و التي يكون سببها بيولوجيا فعلا و تبين أن العلاج بالأدوية يخفف من أعراضها على الأقل و حالات الإدمان الاضطراري أيضا قليلة جدا, بل معظم الأدوية الآن هي أدوية لا تبدو معها حالات الإدمان الاضطراري ..
أؤكد ما قلته في ردك بارك الله فيك أنه لا يمكن أبدا أن نقدم نموذج واحد متكامل لفهم النفس البشرية فهي أعقد من ذلك بكثير.
و تعليقك على نظرية فرويد في محله و هو صحيح, لكن في نفس الوقت ظهرت نظريات أخرى من الغرب أيضا هي الأقرب للنظرة الإسلامية للنفس البشرية و تبني دعائمها و ركائزها على أشخاص أسوياء و منها نظريات المدرسة الإنسانية و على رأسها نظرية إبراهام ماسلو و كارل روجرز و لا تخفى عليك نظرية هيكل أو مثلث الاحتياجات و التي أصبحت تدرس في علم التجارة و الاقتصاد أيضا فوق علم النفس!
ما أنوي قوله هو أن هناك فرق في أنواع العلاج النفسي, و النوع الذي ركزنا عليه في بداية النقاش هو الطب النفسي و هو بلا شك ليس كاملا و لم يقترب من الكمال أبدا, لكن هو تخصص طبي كغيره من التخصصات و نحن بحاجة إليه لمعالجة الكثير من مرضى الاضطرابات الشنيعة عافاني الله و إياك ..
أخشى أن أكون قد تكلمت بمصطلحات علمية نفسية أدخلت الاخوة في متاهات و لم أكن أقصد ذلك, لكن أردت توضيح الكثير من الأمور حول الطب النفسي و العلاج النفسي و الذي نهاجمه كثيرا بناء على فهمنا له و الذي لا يبنى إلا على متابعاتنا الإعلامية في أغلب الأحيان!
¥